responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التبصرة المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 107
لَوْ أَحْسَنْتَ الْخَلاصَ أَحْسَنْتَ , لَوْ آمَنْتَ بِالْعَرْضِ لَتَجَمَّلْتَ وَتَزَيَّنْتَ , يَا مَنْ قَدِ انْعَجَمَتْ
عَلَيْهِ الأُمُورُ لَوْ سَأَلْتَ لَتَبَيَّنْتَ , وَيْحَكَ أَحْضِرْ قَلْبَكَ إِنَمَّا أَنْتَ فِي الدُّنْيَا غَرِيبٌ {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ ينادي المنادي من مكان قريب} .
إِلَى مَتَى أَنْتَ مَعَ أَغْرَاضِكَ , مَتَى يَنْقَضِي زَمَانُ إِعْرَاضِكَ , يَا زَمَنَ الْبِلَى مَتَى زَمَنُ إنهاضك , تاالله لَقَدْ كَعَّ مِنْ أَمْرَاضِكَ الطَّبِيبُ.
قَوْلُهُ تَعَالَى {يوم يسمعون الصيحة} وهي النفخة الثانية {بالحق} أَيْ بِالْبَعْثِ الَّذِي لا شَكَّ فِيهِ {ذَلِكَ يوم الخروج} مِنَ الْقُبُورِ , تَنْشَقُّ السَّمَاءُ ذَاتُ الْبُرُوجِ انْشِقَاقَ الثَّوْبِ الْمَنْسُوجِ , بِأَعْجَبِ فُطُورٍ وَأَظْرَفِ فُرُوجٍ , وَيُنْثَرُ حَبُّ السَّمَاءِ وَيَسْقُطُ الدُّمْلُوجُ وَتُقْبِلُ الْمَلائِكَةُ إِقْبَالَ الْفُيُوجِ وَتَمِيدُ الأَرْضُ فَتُفْلَقُ وَتَمُوجُ , وَتَعُودُ جَرْدَاءَ بَعْدَ الرِّيَاضِ وَالْمُرُوجِ , وَتُذَلُّ الْعُتَاةُ وَتَنْكَسِرُ الْعُلُوجُ , وَتَسْتَوِي أَقْدَامُ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ وَالزُّنُوجِ , فَأَخَسُّ الْخَلائِقِ يَوْمَئِذٍ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ , وَأَحْقَرُ النَّاسِ عَلَى طُولِهِ عُوجُ , وَيَقْرُبُ الْحِسَابُ وَيَرُوجُ , وَيُنْصَبُ الصِّرَاطُ وَالرِّيحُ خَجُوجٌ , أَيْنَ حَرَارَةُ الْقُلُوبِ أَضُرِبَتْ بِالثُّلُوجِ {يَوْمَ يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج} .
قوله تعالى: {إنا نحن نحيي ونميت} أَيْ نُمِيتُ فِي الدُّنْيَا وَنُحْيِي بِالْبَعْثِ {وَإِلَيْنَا المصير} بَعْدَ الْبَعْثِ {يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا} الْمَعْنَى: فَيَخْرُجُونَ مِنْهَا سِرَاعًا.
يَا لَهُ مِنْ يَوْمٍ لا تَسْتَطِيعُ لَهُ دِفَاعًا , صَاحَ بِهِمْ مَنْ لَمْ يَزَلْ أَمْرُهُ مُطَاعًا , فَنَازَلَتْهُمُ الْحَسَرَاتُ فأسرتهم فزاعاً , وَاسْتَسْلَمُوا لِلْهَلاكِ وَمَا مُدَّ بَعْدُ بَاعًا , سَمَاعًا لِمَا يَجْرِي يَوْمَئِذٍ سَمَاعًا {يَوْمَ تَشَقَّقُ الأَرْضُ عنهم سراعا} .
مَزَّقَتْهُمُ اللُّحُودُ تَمْزِيقًا مُشَاعًا , وَصُيِّرَتْ تِلْكَ الأَبْدَانُ رُفَاتًا شِيَاعًا , وَنُفِخَ فِي
الصُّورِ فَقَامُوا عِطَاشًا جِيَاعًا , وَعَلِمُوا أَنَّ الْهَوَى كَانَ لَهُمْ خِدَاعًا , فَتَدَاعَى بِالْوَيْلِ مَنْ كَانَ بِالسُّرُورِ تَدَاعَى {يَوْمَ تشقق الأرض عنهم سراعا} .

اسم الکتاب : التبصرة المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 107
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست