responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأذكار - ط ابن حزم المؤلف : النووي، أبو زكريا    الجزء : 1  صفحة : 588
تنزل النصوص الواردة في إباحته وذمّه، والمجادلة والجدالُ بمعنى، وقد أوضحتُ ذلك مبسوطاً في "تهذيب الأسماء واللغات" [[2]/ 48] .
قال بعضُهم: ما رأيتُ شيئاً أذهبَ للدين، ولا أنقص للمروءة، ولا أضيعَ للذةٍ، ولا أشعل للقلب من الخصومة.
فإن قلتَ: لا بُدَّ للإنسانِ من الخصومة لاستبقاء[1] حقوقه.
فالجوابُ: ما أجابَ بهِ الإمامُ الغزالي أن الذمَّ المتأكدَ إنما هُوَ لمن خاصمَ بالباطلِ، أو بغير علمٍ؛ كوكيل القاضي، فإنهُ يتوكلُ في الخصومةِ قبلَ أن يعرفَ أن الحقّ في أيّ جانبِ هوَ، فيخاصمُ بغير علمٍ.
ويدخلُ في الذمّ أيضاً مَن يطلبُ حَقَّه لكنهُ لا يقتصرُ على قدرِ الحاجة، بل يظهرُ اللددَ والكذبَ للإِيذاء والتسليط على خصمه، وكذلك من خَلَطَ بالخصومة كلماتٍ تُؤذي، وليس له إليها حاجةٌ في تحصيل حقه، وكذلك مَن يحملهُ على الخصومة محضُ العنادِ لقهر الخصم وكسره، فهذا هو المذموم، وأما المظلومُ الذي ينصرُ حجتهُ بطريق الشرع من غير لددٍ وإسرافٍ، وزيادةِ لجاجٍ على الحاجة من غير قصدِ عنادٍ ولا إيذاء، ففعلهُ هذا ليس حرامًا ولكن الولى تركهُ وما وجدَ إليه سبيلاً؛ لأنَّ ضبطَ اللسان في الخصومة على حدّ الاعتدالِ متعذرٌ، والخصومةُ توغرُ الصدورَ، وتهيجُ الغضبَ، وإذا هاجَ الغضبُ حصلَ الحقدُ بينهما حتى يفرح كل واحدٍ منهم بمساءةِ الآخر، ويحزنُ بمسرّته، ويُطلق اللسانَ في عرضه، فمن خاصمَ فقد تعرّضَ لهذه الآفات، وأقلُّ ما فيه اشتغالُ القلب، حتى أنه يكون في صلاته وخاطره متعلق[2] المحاجة والخصومة، فلا يَبقى حالهُ على الاستقامة؛ والخصومةُ مبدأ الشرّ،

[1] في نسخة: "لاستيفاء".
[2] في نسخة: "معلق".
اسم الکتاب : الأذكار - ط ابن حزم المؤلف : النووي، أبو زكريا    الجزء : 1  صفحة : 588
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست