اسم الکتاب : الأذكار - ط ابن حزم المؤلف : النووي، أبو زكريا الجزء : 1 صفحة : 587
558- فصل [جواز قول: فِداكَ أبي وأُمي] :
1880- المذهبُ الصحيحُ المختارُ أنهُ لا يكرهُ قولُ الإنسانِ لغيرهِ: فداكَ أبي وأُمي، أو جعلني اللهُ فداك، وقد تظاهرتْ على جواز ذلك الأحاديث المشهورة في الصحيحين وغيرهما، وسواءٌ كانَ الأبوان مسلمين أو كافرين، وكَرِهَ ذلك بعضُ العلماء إذا كان مُسلمين. قال النحاس: وكرهَ مالكُ بن أنسٍ رحمهُ الله: جعلني الله فداك، وأجازهُ بعضهم. ["صناعة الكتاب، صفحة: 243] قال القاضي عياضٌ: ذهبَ جمهورُ العلماء إلى جواز ذلك، سواءٌ كان الْمُفَدَّى به مسلماً أو كافراً.
قلتُ: وقد جاء من الأحاديث الصحيحة في جواز ذلك ما لا يُحصى، وقد نبَّهتُ على جملٍ منها في "شرح صحيح مسلم" [5/ 184] .
559- فصل [ذم المِراء والجِدال والخُصومة] :
1881- ومما يُذمّ من الألفاظ: المراءُ والجدالُ والخصومةُ.
قال الإِمام أبو حامد الغزالي [3/ 117] رحمهُ الله: المراءُ طعنُك في كلامِ الغير لإِظهار خللٍ فيه لغير غرضٍ سوى تحقيرٍ قائلهِ وإظهار مزيَّتِك عليه.
قال: وأما الجدالُ، فعبارةٌ عن أمرٍ يتعلقُ بإظهار المذاهب وتقريرها.
قال: وأما الخصومةُ، فلِجَاجٌ في الكلام ليستوفيَ به مقصودَه من مالٍ أو غيرهِ، وتارة يكونُ ابتداءً، وتارة يكونُ اعتراضاً؛ والمراءُ لا يكونُ إلا اعتراضاً. هذا كلام الغزالي.
واعلم أن الجدال قد يكون بِحَقّ، وقد يكون بباطل، قال الله تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [العنكبوت: 46] ، وقال تعالى: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125] ، وقال تعالى: {مَا يُجَادِلُ فِي آَيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا} [غافر: 4] فإن كان الجدالُ للوقوفِ على الحقّ وتقريرِه كان محموداً، وإن كان في مدافعةِ الحقّ، أو كان جدالاً بغير علمٍ كان مذموماً، وعلى هذا التفصيل
اسم الکتاب : الأذكار - ط ابن حزم المؤلف : النووي، أبو زكريا الجزء : 1 صفحة : 587