اسم الکتاب : الأذكار - ت الأرنؤوط المؤلف : النووي، أبو زكريا الجزء : 1 صفحة : 354
وأما لعن الإِنسان بعينه ممّن اتَّصَفَ بشئ من المعاصي [1] كيهودي، أو نصراني، أو ظالم، أو زانٍ أو مصوّرٍ، أو سارقٍ، أو آكلِ ربا، فظواهر الأحاديث أنه ليس بحرام.
وأشارَ الغزالي إلى تحريمه إلا في حقّ مَن عَلِمْنَا أنه مات على الكفر، كأبي لهب، وأبي جهل، وفرعونَ وهامانَ، وأشباههم، قال: لأن اللعن هو الإِبعاد عن رحمة الله تعالى، وما ندري ما يُتم به لهذا الفاسق أو الكافر، قال: وأما الذين لعنَهم رسولُ الله (صلى الله عليه وسلم) بأعيانهم، فيجوزُ أنه (صلى الله عليه وسلم) عَلِمَ موتَهم على الكفر، قال: ويقربُ من اللعن الدعاء على الإِنسان بالشرّ حتى الدعاء على الظالم، كقول الإِنسان: لا أصحَّ الله جسمَه، ولا سلَّمه الله، وما جرى مجراه، وكلُّ ذلك مذمومٌ.
وكذلك لعنُ جميع الحيوانات والجمادات، فكلُّه مذموم.
فصل:
حكى أبو جعفرُ النحاس عن بعض العلماء أنه قال: إذا لعن الإِنسانُ ما لا يستحقّ اللعن، فليبادرْ بقوله: إلاّ أن يكون لا يستحقّ [2] .
فصل:
ويجوزُ للآمر بالمعروف، والناهي عن المنكر، وكلّ مؤدِّب أن يقول لمن يخاطبه في ذلك الأمر: ويلك، أو يا ضعيفَ الحال، أو يا قليلَ النظر لنفسه، أو يا ظالمَ نفسه، وما أشبه ذلك بحيث لا يتجاوز إلى الكذب، ولا يكون فيه لفظُ قذفٍ، صريحاً كان أو كنايةً، أو تعريضاً، ولو كان صادقاً في ذلك، وإنما يجوزُ ما قدَّمناه، ويكون الغرضُ منه التأديب والزجر، وليكونَ الكلامُ أوقعَ في النفس.
1076 - روينا في " صحيحي البخاري ومسلم " عن أنس رضي الله عنه " أن النبي (صلى الله عليه وسلم) رأى رجلاً يسوقُ بدنةً، فقال: " ارْكَبْها " [3] ، فقال: إنها بدنة، قال: ارْكَبْها، قال: إنها بدنة، [1] قال الحافظ ابن حجر: واحتج شيخنا الامام البلقيني على ما قاله المهلب من جواز لعن المعين بالحديث الوارد في المرأة إذا دعاها زوجها إلى فراشه فأبت لعنتها الملائكة حتى تصبح، وتوقف فيه بعض من لقيناه، فإن اللاعن هنا الملائكة، فيتوقف الاستدلال على جواز التأسي بهم وعلى التسليم فليس في الخبر تسميتها، والذي قاله شيخنا أقوي، فإن الملك معصوم، والتأسي بالمعصوم مشروع، والبحث في جواز لعن المعين وهو موجود. اه.
قال العلقمي في " شرح الجامع الصغير " لعل قول الملائكة: اللهم العن فلانة الممتنعة من فراش زوجها، أو هذه الممتنعة إلى آخرها، فهي معينة بالاسم أو بالاشارة إليها، فيتجة ما قاله البلقيني، لان قوله (صلى الله عليه وسلم) " لعنتها " الضمير يخصها، فلا بدّ من صفة تميزها، وذلك إمام بالاسم أو بالاشارة إليها. [2] أي لئلا ترجع اللعنة على قائلها إذا كان المدعو عليه بها ليس مستحقا لهاكما جاءت الاخبار به. [3] قال ابن علاّن في " شرح الاذكار ": محمول على أنه اضطر لركوبها، لخبر مسلم عن جابر قال: قال (صلى الله عليه وسلم) لما (*) =
اسم الکتاب : الأذكار - ت الأرنؤوط المؤلف : النووي، أبو زكريا الجزء : 1 صفحة : 354