responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الآداب الشرعية والمنح المرعية المؤلف : ابن مفلح، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 274
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَاَلَّذِينَ اُتُّخِذُوا أَئِمَّةً فِي الدِّينِ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ هُمْ أَعْظَمُ مِنْ الْأُمَرَاءِ عِنْد أَصْحَابِهِمْ، وَقَدْ يُفْضِي ذَلِكَ إلَى الْفِتَنِ. وَذَكَرَ يَعْنِي الْقَاضِي مَا نَقَلَهُ مِنْ خَطِّ أَبِي حَفْصٍ الْعُكْبَرِيِّ أَسْنَدَهُ إلَى صَالِحٍ بْنِ أَحْمَدَ قُلْتُ لِأَبِي: إنَّ قَوْمًا يَنْسُبُونَ إلَيَّ تَوَلِّي يَزِيدَ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ وَهَلْ يَتَوَلَّى يَزِيدَ أَحَدٌ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ؟ فَقُلْتُ: وَلِمَ لَا تَلْعَنُهُ؟ فَقَالَ: وَمَتَى رَأَيْتنِي أَلْعَنُ شَيْئًا؟ لِمَ لَا نَلْعَنُ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ؟ فَقُلْتُ: وَأَيْنَ لَعَنَ اللَّهُ يَزِيدَ فِي كِتَابِهِ؟ فَقَرَأَ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22] {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد: 23] .
فَهَلْ يَكُونُ فِي قَطْعِ الرَّحِمِ أَعْظَمُ مِنْ الْقَتْلِ؟ قَالَ الْقَاضِي: وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ إنْ صَحَّتْ فَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي مَعْنَى لَعْنِ يَزِيدَ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الدَّلَالَةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى اسْتِلْزَامِ الْمُطْلَقِ لِلْمُعَيَّنِ انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَقَالَ فِي مَكَان آخَرَ: وَقَدْ نُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ لَعْنَةُ أَقْوَامٍ مُعَيَّنِينَ مِنْ دُعَاةِ أَهْلِ الْبِدَعِ، وَلِهَذَا فَرَّقَ مَنْ فَرَّقَ مِنْ الْأَصْحَابِ بَيْنَ لَعْنَةِ الْفَاسِقِ بِالْفِعْلِ، وَبَيْنَ دُعَاةِ أَهْلِ الضَّلَالِ إمَّا بِنَاءً عَلَى تَكْفِيرِهِمْ، وَإِمَّا بِنَاءً عَلَى أَنَّ ضَرَرَهُمْ أَشَدُّ، وَمَنْ جَوَّزَ لَعْنَةَ الْمُبْتَدِعِ الْمُكَفِّرِ مُعَيَّنًا، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَعْنَةُ الْكَافِرِ الْمُعَيَّنِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَمَنْ لَمْ يُجَوِّزْ أَنْ يُلْعَنَ إلَّا مَنْ ثَبَتَ لَعْنُهُ بِالنَّصِّ، فَإِنَّهُ لَا يُجَوِّزُ لَعْنَةَ الْكَافِرِ الْمُعَيَّنِ، فَمَنْ لَمْ يُجَوِّزْ إلَّا لَعْنَ الْمَنْصُوصِ يَرَى أَنْ لَا يَجُوزَ ذَلِكَ لَا عَلَى وَجْهِ الِانْتِصَارِ وَلَا عَلَى وَجْهِ الْجِهَادِ، وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ كَالْهِجْرَةِ، وَالتَّعْزِيرِ وَالتَّحْذِيرِ.
وَهَذَا مُقْتَضَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي فِي الصَّحِيحِ

اسم الکتاب : الآداب الشرعية والمنح المرعية المؤلف : ابن مفلح، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 274
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست