responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الآداب الشرعية والمنح المرعية المؤلف : ابن مفلح، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 273
وَنَشْهَدُ بِالْجَنَّةِ وَالنَّارِ لِمَنْ شَهِدَ لَهُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَلَا نَشْهَدُ بِذَلِكَ لِمُعَيَّنٍ إلَّا مَنْ شَهِدَ لَهُ النَّصُّ، أَوْ شَهِدَ لَهُ الِاسْتِفَاضَةُ عَلَى قَوْلٍ، فَالشَّهَادَةُ فِي الْخَبَرِ كَاللَّعْنِ فِي الطَّلَبِ، وَالْخَبَرُ وَالطَّلَبُ نَوْعَا الْكَلَامِ، وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ الطَّعَّانِينَ وَاللَّعَّانِينَ لَا يَكُونُونَ شُهَدَاءَ وَلَا شُفَعَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ، فَالشَّفَاعَةُ ضِدُّ اللَّعْنِ كَمَا أَنَّ الشَّهَادَةَ ضِدُّ اللَّعْنَ وَكَلَامُ الْخَلَّالِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَلْعَنُ الْمُعَيَّنِينَ مِنْ الْكُفَّارِ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ قَاتِلَ عُمَرَ، وَكَانَ كَافِرًا، وَيَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُلْعَنُ الْمُعَيَّنُ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ قَاتِلَ عَلِيٍّ، وَكَانَ خَارِجِيًّا.
ثُمَّ اسْتَدَلَّ الْقَاضِي لِلْمَنْعِ بِمَا جَاءَ مِنْ ذَمِّ اللَّعْنِ، وَأَنَّ هَؤُلَاءِ تُرْجَى لَهُمْ الْمَغْفِرَةُ، وَلَا تَجُوزُ لَعْنَتُهُمْ؛ لِأَنَّ اللَّعْنَ يَقْتَضِي الطَّرْدَ وَالْإِبْعَادَ بِخِلَافِ مَنْ حُكِمَ بِكُفْرِهِ مِنْ الْمُتَأَوِّلِينَ، فَإِنَّهُمْ مُبْعَدُونَ مِنْ الرَّحْمَةِ كَغَيْرِهِمْ مِنْ الْكُفَّارِ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ، وَإِطْلَاقِهِ بِالنُّصُوصِ الَّتِي جَاءَتْ فِي اللَّعْنِ وَجَمِيعُهَا مُطْلَقَةٌ كَالرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي، وَآكِلِ الرِّبَا وَمُوَكِّلُهُ، وَشَاهِدِيهِ، وَكَاتِبِيهِ.
قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: فَصَارَ لِلْأَصْحَابِ فِي الْفُسَّاقِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ (أَحَدُهَا) الْمَنْعُ عُمُومًا وَتَعَيُّنًا إلَّا بِرِوَايَةِ النَّصِّ. (وَالثَّانِي) إجَازَتُهَا. (وَالثَّالِثُ) التَّفْرِيقُ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ، لَكِنَّ الْمَنْعَ مِنْ الْمُعَيَّنِ هَلْ هُوَ مَنْعُ كَرَاهَةٍ أَوْ مَنْعُ تَحْرِيمٍ؟ ثُمَّ قَالَ فِي الرَّدِّ عَلَى الرَّافِضِيِّ لَا يَجُوزُ وَاحْتَجَّ بِنَهْيِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ لَعْنَةِ الرَّجُلِ الَّذِي يُدْعَى حِمَارًا.
وَقَالَ هُنَا ظَاهِرُ كَلَامِهِ الْكَرَاهَةُ، وَبِذَلِكَ فَسَّرَهُ الْقَاضِي فِيمَا بَعْدُ لَمَّا ذَكَرَ قَوْلَ أَحْمَدَ: لَا تُعْجِبُنِي لَعْنَةُ الْحَجَّاجِ وَنَحْوِهِ لَوْ عَمَّ فَقَالَ: أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ.
قَالَ الْقَاضِي: فَقَدْ كَرِهَ أَحْمَدُ لَعْنَ الْحَجَّاجِ قَالَ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُتَأَوَّلَ تَوَقُّفُ أَحْمَدَ عَنْ لَعْنَةِ الْحَجَّاجِ وَنُظَرَائِهِ (أَنَّهُ) كَانَ مِنْ الْأُمَرَاءِ فَامْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ (أَحَدُهُمَا) نَهْيٌ جَاءَ عَنْ لَعْنَةِ الْوُلَاةَ خُصُوصًا (الثَّانِي) أَنَّ لَعْنَ الْأُمَرَاءِ رُبَّمَا أَفْضَى إلَى الْهَرْجِ، وَسَفْكِ الدِّمَاءِ وَالْفِتَنِ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَعْدُومٌ فِي غَيْرِهِمْ.

اسم الکتاب : الآداب الشرعية والمنح المرعية المؤلف : ابن مفلح، شمس الدين    الجزء : 1  صفحة : 273
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست