اسم الکتاب : أصول التربية الإسلامية وأساليبها في البيت والمدرسة والمجتمع المؤلف : النحلاوي، عبد الرحمن الجزء : 1 صفحة : 208
فالتقليد يرتكز على ثلاثة عناصر:
أولها الرغبة في المحاكاة والاقتداء، فالطفل أو الفني مدفوع برغبة خفية لا يشعر بها، نحو محاكاة من يعجب به في لهجة الحديث، وأسلوب الحركة والمعاملة والكتابة، ومعظم عادات السلوك، دون أن يقصد، وهذا التقليد غير المقصود لا يقتصر على حسنات السلوك، بل قد يتعداها إلى غيرها، فالشخص المتأثر يتقمص، عن طريق لا شعوري، شخصية المؤثر كلها أو جلها، ولذلك كان من الخطورة بمكان ظهور المساوئ في سلوك القدوة؛ لأنه بذلك يحمل وزر من يقلده فيها.
لذلك نبه القرآن الآباء إلى أن الاستمتاع بالأطفال، والحنان والعطف عليهم، يجب ألا يشغلهم عن أن يكونوا قدوة صالحة لهم، فقال في وصف عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 25/ 74] ، فوصف عباد الرحمن بأنهم يرغبون في أن تقر أعينهم بالزواج، والولد كما يرغبون في أن يكونوا قدوة وإماما.
كما نبه رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم البشرية عموما إلى ما يتحمله كل من يؤثر في سلوك الآخرين، من النتائج حين يقلدونه بخير أو شر، قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه أبو عمر، وجرير بن عبد الله: "من سن في الإسلام سنة حسنة، فله أجرها من عمل بها إلى يوم القيامة، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها، ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أوزارهم شيء".
وقد كان سبب ورود الحديث أنه جاء قوم مجتابي النمار يبدو عليهم الفقر، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة ليتصدقوا فلم يتقدم أحد، فأعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم الدعوة، حتى قال صحابي: فجاء بوسق من تمر، ثم قلده الصحابة، فتتابعوا يجلبون مما عندهم فذكر الحديث[1]..
العنصر الثاني الاستعداد للتقليد: فلك مرحلة من العمر استعدادات، وطاقات محدودة لذلك لم يأمر الإسلام الأطفال بالصلاة قبل سبع سنين، ولا يمنع ذلك من [1] رواه مسلم، رياض الصالحين ص93.
اسم الکتاب : أصول التربية الإسلامية وأساليبها في البيت والمدرسة والمجتمع المؤلف : النحلاوي، عبد الرحمن الجزء : 1 صفحة : 208