حال الموعظة, ويختلف باعتبار حال الواعظ, ويختلف باعتبار حال المخاطبين؛ فالموعظة المفاجئة لها حال, الموعظة المحدودة بزمان ومكان محددين لها حال, والموعظة المحدودة بعنوان لها حال.
ثم إن الموعظة التي يلقيها فلان من الناس تختلف عن الموعظة التي يلقيها غير؛ فالعالم وذو المكان له حال, ومن دونه في الرتبة له حال.
وكذلك السامعون؛ فالمقبلون على الموعظة لهم حال, ومن كان إقبالهم أقبل فلهم حال أخرى وهكذا ...
وبناءا على ذلك فإنه قد لا يتسنى تحديد وقت ملائم للموعظة لا تزيد عنه أو تتعداه؛ فقد تقتضي الحكمة أن يطنب الواعظ, وقد تقتضي أن يوجز, وقد تقتضي أن يتوسط.
وإذا روعي هذا الجانب, ووضع في موضعه عم نفعه, وعظم وقعه, والعكس.
قال أبو هلال العسكر- رحمه الله-: "والقول القصد أن الإيجاز والإطناب يحتاج إليهما في جميع الكلام, وكل نوع منه, ولكل واحد منها موضع؛ فالحاجة إلى الإيجاز في موضعه كالحاجة إلى الإطناب في مكانه؛ فمن أزال التدبير في ذلك عن جهته, واستعمل الإطناب في موضع الإيجاز, واستعمل الإيجاز في موضع الإطناب أخطأ."1
ومهما يك من شيء فإن التوسط والإيجاز هما أرب الأساليب لإساغة
1 - كتاب الصناعتين لأبي هلال العسكري ص 239-259.