responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أدب الدنيا والدين المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 274
وَالثَّالِثَةُ: مَقْتُ النَّاسِ لَهُ حَتَّى لَا يَجِدَ فِيهِمْ مُحِبًّا، وَعَدَاوَتُهُمْ لَهُ حَتَّى لَا يَرَى فِيهِمْ وَلِيًّا، فَيَصِيرُ بِالْعَدَاوَةِ مَأْثُورًا، وَبِالْمَقْتِ مَزْجُورًا. وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «شَرُّ النَّاسِ مَنْ يُبْغِضُ النَّاسَ وَيُبْغِضُوهُ» .
وَالرَّابِعَةُ: إسْخَاطُ اللَّهِ تَعَالَى فِي مُعَارَضَتِهِ، وَاجْتِنَاءِ الْأَوْزَارِ فِي مُخَالَفَتِهِ، إذْ لَيْسَ يَرَى قَضَاءَ اللَّهِ عَدْلًا، وَلَا لِنِعَمِهِ مِنْ النَّاسِ أَهْلًا. وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْحَسَدُ يَأْكُلُ الْحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الْحَطَبَ» . وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُعْتَزِّ: الْحَاسِدُ مُغْتَاظٌ عَلَى مَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ، بَخِيلٌ بِمَا لَا يَمْلِكُهُ، طَالِبُ مَا لَا يَجِدُهُ. وَإِذَا بُلِيَ الْإِنْسَانُ بِمَنْ هَذِهِ حَالُهُ مِنْ حُسَّادِ النِّعَمِ وَأَعْدَاءِ الْفَضْلِ اسْتَعَاذَ بِاَللَّهِ مِنْ شَرِّهِ، وَتَوَقَّى مَصَارِعَ كَيْدِهِ، وَتَحَرَّزَ مِنْ غَوَائِلِ حَسَدِهِ، وَأَبْعَدَ عَنْ مُلَابَسَتِهِ. وَإِدْنَائِهِ لِعَضْلِ دَائِهِ، وَإِعْوَازِ دَوَائِهِ. فَقَدْ قِيلَ: حَاسِدُ النِّعْمَةِ لَا يُرْضِيهِ إلَّا زَوَالُهَا. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَنْ ضَرَّ بِطَبْعِهِ فَلَا تَأْنَسْ بِقُرْبِهِ، فَإِنَّ قَلْبَ الْأَعْيَانِ صَعْبُ الْمَرَامِ.
وَقَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ: أَسَدٌ تُقَارِبُهُ خَيْرٌ مِنْ حَسُودٍ تُرَاقِبُهُ. وَقَالَ مَحْمُودٌ الْوَرَّاقُ:
أَعْطَيْتُ كُلَّ النَّاسِ مِنْ نَفْسِي الرِّضَى ... إلَّا الْحَسُودَ فَإِنَّهُ أَعْيَانِي
مَا إنَّ لِي ذَنْبًا إلَيْهِ عَلِمْتُهُ ... إلَّا تَظَاهَرَ نِعْمَةَ الرَّحْمَنِ
وَأَبَى فَمَا يُرْضِيهِ إلَّا ذِلَّتِي ... وَذَهَابُ أَمْوَالِي وَقَطْعُ لِسَانِي
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «ثَلَاثَةٌ لَا يَسْلَمُ أَحَدٌ مِنْهُنَّ: الطِّيَرَةُ وَسُوءُ الظَّنِّ، وَالْحَسَدُ. فَإِذَا تَطَيَّرْت فَلَا تَرْجِعْ، وَإِذَا ظَنَنْتَ فَلَا تَتَحَقَّقْ، وَإِذَا حَسَدْتَ فَلَا تَبْغِ» .

[فَصَلِّ آدَاب الْمُوَاضَعَةُ وَالْإِصْلَاحُ]
[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْكَلَامِ وَالصَّمْتِ]
الْمُوَاضَعَةُ وَالْإِصْلَاحُ فَصْلٌ: وَأَمَّا آدَابُ الْمُوَاضَعَةِ وَالِاصْطِلَاحِ فَضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا مَا تَكُونُ الْمُوَاضَعَةُ فِي فُرُوعِهِ، وَالْعَقْلُ مُوجِبٌ لِأُصُولِهِ. وَالثَّانِي مَا تَكُونُ الْمُوَاضَعَةُ فِي فُرُوعِهِ وَأُصُولِهِ. وَذَلِكَ مُتَّضِحٌ فِي الْفُصُولِ الَّتِي نَذْكُرُهَا إذَا سُبِرَتْ وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ.

اسم الکتاب : أدب الدنيا والدين المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 274
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست