responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أدب الدنيا والدين المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 224
عَلَى أَنَّ فِي الْأَمْوَالِ يَوْمًا تِبَاعَةً ... عَلَى أَهْلِهَا وَالْمُقْتِرُونَ بَرَاءُ
وَأَنْشَدْتُ عَنْ الرَّبِيعِ لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -:
إنَّ الَّذِي رُزِقَ الْيَسَارَ وَلَمْ يُصِبْ ... حَمْدًا وَلَا أَجْرًا لَغَيْرُ مُوَفَّقِ
وَالْجِدُّ يُدْنِي كُلَّ شَيْءٍ شَاسِعٍ ... وَالْجِدُّ يَفْتَحُ كُلَّ بَابٍ مُغْلَقِ
وَأَحَقُّ خَلْقِ اللَّهِ بِالْهَمِّ امْرُؤٌ ... ذُو هِمَّةٍ عُلْيَا وَعَيْشٍ ضَيِّقِ
وَمِنْ الدَّلِيلِ عَلَى الْقَضَاءِ وَكَوْنِهِ ... بُؤْسُ اللَّبِيبِ وَطِيبُ عَيْشِ الْأَحْمَقِ
فَإِذَا سَمِعْتَ بِأَنَّ مَجْدُودًا حَوَى ... عُودًا فَأَوْرَقَ فِي يَدَيْهِ فَحَقِّقْ
وَإِذَا سَمِعْتَ بِأَنَّ مَخْذُولًا أَتَى ... مَاءً لِيَشْرَبَهُ فَجَفَّ فَصَدِّقْ
اللُّبُّ الْعَقْلُ. تَقُولُ: لَبِيبٌ ذُو لُبٍّ. وَالْجِدُّ فِي اللُّغَةِ الْحَظُّ، وَهُوَ الْبَخْتُ، وَالْجَدُّ أَيْضًا الْعَظَمَةُ. وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا} [الجن: 3] .
وَالْجَدُّ مَصْدَرُ جَدَّ الشَّيْءُ إذَا قُطِعَ وَالْجِدُّ بِالْكَسْرِ الِانْكِمَاشُ فِي الْأُمُورِ أَيْ الِاجْتِهَادُ فِيهَا، وَهُوَ أَيْضًا الْحَقُّ ضِدُّ الْهَزْلِ. وَبِالْحَاءِ إذَا مَنَعَ الرِّزْقَ وَمَجْدٌ مَجْدُودٍ لَا يُقَالُ فِيهِمَا إلَّا بِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ. وَآفَةُ مَنْ بُلِيَ بِالْجَمْعِ وَالِاسْتِكْثَارِ، وَمُنِيَ بِالْإِمْسَاكِ وَالِادِّخَارِ، حَتَّى انْصَرَفَ عَنْ رُشْدِهِ فَغَوَى، وَانْحَرَفَ عَنْ سُنَنِ قَصْدِهِ فَهَوَى، أَنْ يَسْتَوْلِيَ عَلَيْهِ حُبُّ الْمَالِ وَبُعْدُ الْأَمَلِ فَيَبْعَثُهُ حُبُّ الْمَالِ عَلَى الْحِرْصِ فِي طَلَبِهِ، وَيَدْعُوهُ بُعْدُ الْأَمَلِ عَلَى الشُّحِّ بِهِ.
وَالْحِرْصُ وَالشُّحُّ أَصْلٌ لِكُلِّ ذَمٍّ، وَسَبَبٌ لِكُلِّ لُؤْمٍ؛ لِأَنَّ الشُّحَّ يَمْنَعُ مِنْ أَدَاءِ الْحُقُوقِ، وَيَبْعَثُ عَلَى الْقَطِيعَةِ وَالْعُقُوقِ. وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «شَرُّ مَا أُعْطَى الْعَبْدُ شُحٌّ هَالِعٌ وَجُبْنٌ خَالِعٌ» . وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: الْغَنِيُّ الْبَخِيلُ كَالْقَوِيِّ الْجَبَانِ.
وَأَمَّا الْحِرْصُ فَيَسْلُبُ فَضَائِلَ النَّفْسِ؛ لِاسْتِيلَائِهِ عَلَيْهَا، وَيَمْنَعُ مِنْ التَّوَفُّرِ عَلَى الْعِبَادَةِ؛ لِتَشَاغُلِهِ عَنْهَا، وَيَبْعَثُ عَلَى التَّوَرُّطِ فِي الشُّبُهَاتِ؛ لِقِلَّةِ تَحَرُّزِهِ مِنْهَا. وَهَذِهِ الثَّلَاثُ خِصَالُ هُنَّ

اسم الکتاب : أدب الدنيا والدين المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 224
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست