responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أدب الدنيا والدين المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 223
كَثْرَةُ مَالِ الْمَيِّتِ تُعَزِّي وَرَثَتَهُ عَنْهُ. فَأَخَذَ هَذَا الْمَعْنَى ابْنُ الرُّومِيِّ فَقَالَ وَزَادَ:
أَبْقَيْتَ مَالَك مِيرَاثًا لِوَارِثِهِ ... فَلَيْتَ شِعْرِي مَا أَبْقَى لَك الْمَالُ
الْقَوْمُ بَعْدَك فِي حَالٍ تَسُرُّهُمْ ... فَكَيْفَ بَعْدَهُمْ حَالَتْ بِك الْحَالُ
مَلُّوا الْبُكَاءَ فَمَا يُبْكِيكَ مِنْ أَحَدٍ ... وَاسْتَحْكَمَ الْقَوْلُ فِي الْمِيرَاثِ وَالْقَالُ
وَلَّتْهُمْ عَنْك دُنْيَا أَقْبَلَتْ لَهُمْ ... وَأَدْبَرَتْ عَنْك وَالْأَيَّامُ أَحْوَالُ
وَالسَّبَبُ الرَّابِعُ: أَنْ يَجْمَعَ الْمَالَ وَيَطْلُبَهُ اسْتِحْلَالًا لِجَمْعِهِ، وَشَغَفًا بِاحْتِرَامِهِ. فَهَذَا أَسْوَأُ النَّاسِ حَالًا فِيهِ، وَأَشَدُّهُمْ حُزْنًا لَهُ، قَدْ تَوَجَّهَتْ إلَيْهِ سَائِرُ الْمَلَاوِمِ حَتَّى صَارَ وَبَالًا عَلَيْهِ وَمَذَامَّ.
«وَفِي مِثْلِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاَلَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: 34] فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: تَبًّا لِلذَّهَبِ تَبًّا لِلْفِضَّةِ. فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا: أَيُّ مَالٍ نَتَّخِذُ؟ فَقَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَنَا أَعْلَمُ لَكُمْ ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أَصْحَابَك قَدْ شَقَّ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا: أَيُّ مَالٍ نَتَّخِذُ؟ فَقَالَ: لِسَانًا ذَاكِرًا، وَقَلْبًا شَاكِرًا، وَزَوْجَةً مُؤْمِنَةً تُعِينُ أَحَدَكُمْ عَلَى دِينِهِ» .
وَرَوَى شَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: «مَاتَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ فَوُجِدَ فِي مِئْزَرِهِ دِينَارٌ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: كَيَّةٌ. ثُمَّ مَاتَ آخَرُ فَوُجِدَ فِي مِئْزَرِهِ دِينَارَانِ، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَيَّتَانِ» . وَإِنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ فِيهِمَا، وَإِنْ كَانَ قَدْ مَاتَ عَلَى عَهْدِهِ مَنْ تَرَكَ أَمْوَالًا جَمَّةً، وَأَحْوَالًا ضَخْمَةً، فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مَا كَانَ فِي هَذَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا تَظَاهَرَا بِالْقَنَاعَةِ وَاحْتَجْنَا مَا لَيْسَ بِهِمَا إلَيْهِ حَاجَةٌ فَصَارَ مَا احْتَجْنَاهُ وِزْرًا عَلَيْهِمَا، وَعِقَابًا لَهُمَا. وَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ:
إذَا كُنْتَ ذَا مَالٍ وَلَمْ تَكُنْ ذَا نَدًى ... فَأَنْتَ إذًا وَالْمُقْتِرُونَ سَوَاءُ

اسم الکتاب : أدب الدنيا والدين المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 223
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست