responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 248
أَمَّا الْأَوَّلُ: فَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: 15] وَفِي قَوْلِهِ: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165] وَفِي قَوْلِهِ: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} [الملك: 8] فَلَمْ يَسْأَلُوهُمْ عَنْ مُخَالَفَتِهِمْ لِلْعَقْلِ، بَلْ لِلنُّذُرِ، وَبِذَلِكَ دَخَلُوا النَّارَ، وَقَالَ تَعَالَى {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ} [الأنعام: 130] وَفِي الزُّمَرِ {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} [الزمر: 71] ثُمَّ قَالَ فِي الْأَنْعَامِ بَعْدَهَا {ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ} [الأنعام: 131] وَعَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ - وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى لَمْ يُهْلِكْهُمْ بِظُلْمِهِمْ قَبْلَ إِرْسَالِ الرُّسُلِ - فَتَكُونُ الْآيَةُ دَالَّةً عَلَى الْأَصْلَيْنِ: أَنَّ أَفْعَالَهُمْ وَشِرْكَهُمْ ظُلْمٌ قَبِيحٌ قَبْلَ الْبَعْثَةِ، وَأَنَّهُ لَا يُعَاقِبُهُمْ عَلَيْهِ إِلَّا بَعْدَ الْإِرْسَالِ، وَتَكُونُ هَذِهِ الْآيَةُ فِي دَلَالَتِهَا عَلَى الْأَمْرَيْنِ نَظِيرَ الْآيَةِ الَّتِي فِي الْقَصَصِ {وَلَوْلَا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [القصص: 47] فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ سَبَبٌ لِنُزُولِ الْمُصِيبَةِ بِهِمْ، وَلَوْلَا قُبْحُهُ لَمْ يَكُنْ سَبَبًا، لَكِنِ امْتَنَعَ إِصَابَةُ الْمُصِيبَةِ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهَا، وَهُوَ عَدَمُ مَجِيءِ الرَّسُولِ إِلَيْهِمْ، فَمُذْ جَاءَ الرَّسُولُ انْعَقَدَ السَّبَبُ، وَوُجِدَ الشَّرْطُ، فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا، وَعُوقِبُوا بِالْأَوَّلِ وَالْآخِرِ.

[فَصْلٌ دَلَالَةُ الْفِعْلِ فِي النَّفْسِ]
فَصْلٌ
وَأَمَّا الْأَصْلُ الثَّانِي - وَهُوَ دَلَالَتُهُ عَلَى أَنَّ الْفِعْلَ فِي نَفْسِهِ حَسَنٌ وَقَبِيحٌ - فَكَثِيرٌ جِدًّا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى

اسم الکتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 248
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست