responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 249
{وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ - قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ - فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ - يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ - قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ - قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 28 - 33] فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّ فِعْلَهُمْ فَاحِشَةٌ قَبْلَ نَهْيِهِ عَنْهُ، وَأَمَرَ بِاجْتِنَابِهِ بِأَخْذِ الزِّينَةِ، وَالْفَاحِشَةُ هَاهُنَا هِيَ طَوَافُهُمْ بِالْبَيْتِ عُرَاةً - الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ - غَيْرُ قُرَيْشٍ ثُمَّ قَالَ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ} [الأعراف: 28] أَيْ لَا يَأْمُرُ بِمَا هُوَ فَاحِشَةٌ فِي الْعُقُولِ وَالْفِطَرِ، وَلَوْ كَانَ إِنَّمَا عُلِمَ كَوْنُهُ فَاحِشَةً بِالنَّهْيِ، وَأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِكَوْنِهِ فَاحِشَةً إِلَّا تَعَلُّقُ النَّهْيِ بِهِ، لَصَارَ مَعْنَى الْكَلَامِ أَنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِمَا يَنْهَى عَنْهُ، وَهَذَا يُصَانُ عَنِ التَّكَلُّمِ بِهِ آحَادُ الْعُقَلَاءِ، فَضْلًا عَنْ كَلَامِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ، وَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِمَا يَنْهَى عَنْهُ؟ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِمَعْنَى كَوْنِهِ فَاحِشَةً عِنْدَهُمْ إِلَّا أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، لَا أَنَّ الْعُقُولَ تَسْتَفْحِشُهُ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ} [الأعراف: 29] وَالْقِسْطُ عِنْدَهُمْ هُوَ الْمَأْمُورُ بِهِ، لَا أَنَّهُ قِسْطٌ فِي نَفْسِهِ، فَحَقِيقَةُ الْكَلَامِ قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِمَا أَمَرَ بِهِ.
ثُمَّ قَالَ {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف: 32] دَلَّ عَلَى أَنَّهُ طَيِّبٌ قَبْلَ التَّحْرِيمِ، وَأَنَّ وَصْفَ الطَّيِّبِ فِيهِ مَانِعٌ مِنْ تَحْرِيمِهِ مُنَافٍ لِلْحِكْمَةِ.
ثُمَّ قَالَ {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} [الأعراف: 33] وَلَوْ كَانَ كَوْنُهَا فَوَاحِشَ إِنَّمَا هُوَ لِتَعَلُّقِ التَّحْرِيمِ بِهَا، وَلَيْسَتْ فَوَاحِشَ قَبْلَ ذَلِكَ، لَكَانَ حَاصِلُ الْكَلَامِ: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ مَا حَرَّمَ، وَكَذَلِكَ تَحْرِيمُ الْإِثْمِ وَالْبَغْيِ، فَكَوْنُ ذَلِكَ فَاحِشَةً وَإِثْمًا وَبَغْيًا بِمَنْزِلَةِ كَوْنِ الشِّرْكِ شِرْكًا، فَهُوَ شِرْكٌ فِي نَفْسِهِ قَبْلَ النَّهْيِ وَبَعْدَهُ.
فَمَنْ قَالَ: إِنَّ الْفَاحِشَةَ وَالْقَبَائِحَ وَالْآثَامَ إِنَّمَا صَارَتْ كَذَلِكَ بَعْدَ النَّهْيِ، فَهُوَ

اسم الکتاب : مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 249
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست