responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 518
قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَيُقَالُ فُلَانٌ حَسَنُ الْقِرَاءَةِ وَرَدِيءُ الْقِرَاءَةِ، وَلَا يُقَالُ حَسَنُ الْقُرْآنِ، وَإِنَّمَا يُنْسَبُ إِلَى الْعِبَادِ الْقِرَاءَةُ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ الرَّبِّ، وَالْقِرَاءَةُ فِعْلُ الْعَبْدِ، قَالَ وَلَا تَخْفَى مَعْرِفَةُ هَذَا الْقَدْرِ إِلَّا عَلَى مَنْ أَعْمَى اللَّهُ قَلْبَهُ وَلَمْ يُوَفِّقْهُ وَلَمْ يَهْدِهِ سَبِيلَ الرَّشَادِ.

[فصل كون الكلام في محاله]
فَصْلٌ
مِنَ الْمَعْلُومِ بِالْفِطْرَةِ الْمُسْتَقِرَّةِ عِنْدَ الْعُقَلَاءِ قَاطِبَةً أَنَّ الْكَلَامَ يُكْتَبُ فِي الْمَحَالِّ مِنَ الرَّقِّ وَالْخَشَبِ وَغَيْرِهِمَا، وَيُسَمَّى مَحَلُّهُ كِتَابًا، وَيُسَمَّى نَفْسُ الْمَكْتُوبِ كِتَابًا، فَمِنَ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ} [الواقعة: 77] وَمِنَ الثَّانِي قَوْلُهُ: {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ} [الأنعام: 7] وَقَوْلُهُ: {يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} [البينة: 2] وَلَكِنَّ تَسْمِيَةَ الْمَحَلِّ مَشْرُوطَةٌ بِوُجُودِ الْمَكْتُوبِ فِيهِ، وَهَذَا كَمَا أَنَّ تَسْمِيَةَ الْقَصَبَةِ قَلَمًا مَشْرُوطَةٌ بِكَوْنِهَا مَبْرُوءَةً، وَتَسْمِيَةَ الدَّارِ قَرْيَةً مَشْرُوطَةٌ بِكَوْنِهَا مَأْهُولَةً بِالسَّاكِنِ، وَتَسْمِيَةَ الْإِنَاءِ كَأْسًا مَشْرُوطَةٌ بِوَضْعِ الشَّرَابِ فِيهِ، وَتَسْمِيَةَ السَّرِيرِ أَرِيكَةً مَشْرُوطَةٌ بِنَصْبِ الْحَجَلَةِ عَلَيْهِ، بَلِ اشْتِرَاطُ وُجُودِ الْمَكْتُوبِ فِي الْمَحَلِّ يُصَحِّحُ هَذِهِ التَّسْمِيَةَ أَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ.
وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الصَّحِيفَةِ مِنَ الْعِلْمِ الْعَامِّ الَّذِي لَمْ يُنَازِعْ فِيهِ أَحَدٌ مِنَ الْعُقَلَاءِ إِذَا خُلِّيَ مَعَ الْفِطْرَةِ، وَإِنَّمَا وَقَعَتْ فِيهِ شُبْهَتَانِ فَاسِدَتَانِ مِنْ جِهَةِ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ أَحَالَتْ أَرْبَابَهَا عَنْ فِطْرَتِهِمْ، حَتَّى قَالُوا مَا هُوَ مَعْلُومُ الْفَسَادِ بِالْفِطْرَةِ وَالْعُقَلَاءُ كُلُّهُمْ يَذْكُرُونَ هَذَا مُطْلَقًا كَقَوْلِهِمُ الْكَلَامُ فِي الصَّحِيفَةِ وَاللَّوْحِ، وَمُقَيَّدًا كَقَوْلِهِ كَلَامُ فُلَانٍ فِي الصَّحِيفَةِ وَالْكِتَابِ وَاللَّوْحِ.
وَهَذَا الْقَدْرُ الْمُسْتَقِرُّ فِي فِطَرِ النَّاسِ جَاءَ فِي كَلَامِ اللَّهِ وَكَلَامِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ} [الأنعام: 7] وَقَالَ: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} [البروج: 21] وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ} [الواقعة: 77] وَقَالَ تَعَالَى: {كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ} [عبس: 11] وَقَالَ تَعَالَى: {يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} [البينة: 2] وَقَدْ أَخْبَرَ

اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 518
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست