responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 366
مُسَمَّى لَفْظِهَا، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ خُصُوصِ الْإِضَافَةِ، فَالْقَدْرُ الْمَمْدُوحُ الَّذِي هُوَ مَوْضُوعُ الصِّفَةِ وَالنَّقْصُ اللَّازِمُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي مَوْضُوعِهَا، وَكَذَلِكَ لَا دَلَالَةَ فِي لَفْظِهَا عَلَى الْعَدَمِ، وَالْوُجُودُ غَايَةُ الْكَمَالِ الَّذِي لَا كَمَالَ فَوْقَهُ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنْ لَوَازِمِ إِضَافَتِهَا وَنِسْبَتِهَا إِلَى الرَّبِّ سُبْحَانَهُ، فَإِذًا مَوْضُوعُ لَفْظِهَا مُطْلَقُ الْمَعْنَى الْمَمْدُوحِ، وَخُصُوصُ الْإِضَافَةِ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي اللَّفْظِ، وَعَلَى هَذَا فَإِذَا اسْتُعْمِلَتْ فِي حَقِّ الرَّبِّ تَعَالَى كَانَتْ حَقِيقَةً، وَإِذَا اسْتُعْمِلَتْ لِلْعَبْدِ كَانَتْ حَقِيقَةً.
فَتَدَبَّرْ هَذَا فَإِنَّهُ فَصْلُ الْخِطَابِ فِيمَا يُطْلَقُ عَلَى الرَّبِّ وَالْعَبْدِ، وَاعْتَبِرْ هَذَا فِيمَا يُطْلَقُ عَلَى الْمَخْلُوقِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ حَقِيقَةٌ مَعَ دَلَالَتِهِ عَلَى غَايَةِ الْمَدْحِ فِي الْمَحَلِّ، وَغَايَةِ الذَّمِّ فِي مَحَلٍّ آخَرَ.
مِثَالُهُ: قَوْلُكَ: هَذَا كَلَامُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَدْيُهُ وَسَمْتُهُ، وَهَذَا كَلَامُ الصِّدِّيقِ، وَهَذَا كَلَامُ الْمُفْتَرِي، فَهَذَا حَقِيقَةٌ وَهَذَا حَقِيقَةٌ، وَهُمَا فِي غَايَةِ التَّضَادِّ وَالِاخْتِلَافِ، وَهَذَا التَّعْرِيفُ بِالْإِضَافَةِ نَظِيرُ التَّعْرِيفِ بِاللَّامِ يَنْصَرِفُ إِلَى كُلِّ مَحَلٍّ بِحَسَبِهِ {فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} [المزمل: 16] هُوَ مُوسَى، وَ {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ} [النور: 63] هُوَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَسُولُ دَالٌّ عَلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ، وَاللَّامُ تَدُلُّ عَلَى تَعْرِيفِهِ وَتَعْيِينِهِ، وَكُلٌّ مِنَ الْمَوْضِعَيْنِ حَقِيقَةٌ، هَذَا مَعَ أَنَّ اللَّفْظَ يُسْتَعْمَلُ مُجَرَّدًا عَنِ التَّعْرِيفِ كَثِيرًا.
وَأَمَّا لَفْظُ الرَّحْمَةِ وَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْيَدِ وَالْوَجْهِ وَالْكَلَامِ فَلَا تَكَادُ تُسْتَعْمَلُ إِلَّا مُضَافَةً إِلَى مَحَلِّهَا، فَلُزُومُ الْإِضَافَةِ فِيهَا نَحْوُ لُزُومِهَا فِي الْأَسْمَاءِ وَالْأَعْلَامِ، وَلَا سِيَّمَا الْمُضَافَةُ إِلَى الرَّبِّ كَقَوْلِهِ: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: 156] ، {إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56] ، {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: 27] ، {إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى} [الليل: 20] ، {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: 64] ، {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75] فَهَذِهِ الْإِضَافَةُ تَمْنَعُ أَنْ يَدْخُلَ فِي اسْمِ الصِّفَةِ شَيْءٌ مِنْ خَصَائِصِ الْمَخْلُوقِينَ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، فَالْمَحْذُوفُ الَّذِي أَوْجَبَ لَهُمْ دَعْوَى الْمَجَازِ فِيهَا مُنْتَفٍ بِالْإِضَافَةِ قَطْعًا فَلَا وَجْهَ لِدَعْوَى الْمَجَازِ فِيهَا الْبَتَّةَ، وَهَذَا ظَاهِرٌ جِدًّا، فَإِنَّهَا بِإِضَافَتِهَا الْخَاصَّةِ دَلَّتْ عَلَى مَا لَا تَسَعُهُ الْعِبَارَةُ مِنَ الْكَمَالِ الَّذِي لَا نَقْصَ فِيهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ.

اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 366
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست