responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 365
الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ بِالْمَجَازِ، وَإِنَّمَا يُسْتَعَارُ لِتَكْمِيلِ الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ تَشْبِيهَهُ بِالْحَقِيقِيِّ كَمَا يُسْتَعَارُ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالْبَحْرُ لِلرَّجُلِ الشُّجَاعِ وَالْجَمِيلِ وَالْجَوَادِ، فَإِذَا جُعِلَ الرَّحْمَنُ وَالرَّحِيمُ وَالْوَدُودُ وَغَيْرُهَا مِنْ أَسْمَائِهِ سُبْحَانَهُ حَقِيقَةً فِي الْعَبْدِ مَجَازًا فِي الرَّبِّ لَزِمَ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الصِّفَاتُ فِي الْعَبْدِ أَكْمَلَ مِنْهَا فِي الرَّبِّ تَعَالَى.
الْوَجْهُ الثَّالِثَ عَشَرَ: أَنَّ وَصْفَهُ تَعَالَى بِكَوْنِهِ رَحْمَانًا رَحِيمًا حَقِيقَةٌ أَوْلَى مِنْ وَصْفِهِ بِالْإِرَادَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ مِنْ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ، وَلَيْسَ فِي أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى الْمُرِيدُ، وَالْمُتَكَلِّمُونَ يَقُولُونَ مُرِيدٌ لِبَيَانِ إِثْبَاتِ الصِّفَةِ، وَإِلَّا فَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى، لِأَنَّ الْإِرَادَةَ تَنَاوُلُ مَا يَحْسُنُ إِرَادَتُهُ وَمَا لَا يَحْسُنُ، فَلَمْ يُوصَفْ بِالِاسْمِ الْمُطْلَقِ مِنْهَا، كَمَا لَيْسَ فِي أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى الْفَاعِلُ وَلَا الْمُتَكَلِّمُ، وَإِنَّمَا كَانَ فَعَّالًا مُرِيدًا مُتَكَلِّمًا بِالصِّدْقِ وَالْعَدْلِ، فَلَيْسَ الْوَصْفُ بِمُطْلَقِ الْكَلَامِ وَمُطْلَقِ الْإِرَادَةِ وَمُطْلَقِ الْفِعْلِ يَقْتَضِي مَدْحًا وَحَمْدًا حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ مُتَعَلِّقًا بِمَا يَحْسُنُ تَعَلُّقُهُ بِهِ، بِخِلَافِ الْعَلِيمِ الْقَدِيرِ وَالْعَدْلِ وَالْمُحْسِنِ وَالرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَإِنَّ هَذِهِ كَمَالَاتٌ فِي أَنْفُسِهَا لَا تَكُونُ نَقْصًا وَلَا مُسْتَلْزِمَةً لِنَقْصٍ الْبَتَّةَ.
فَإِذَا قِيلَ: إِنَّهُ مُرِيدٌ حَقِيقَةً وَلَهُ إِرَادَةٌ حَقِيقِيَّةٌ، وَلَيْسَ مِنْ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى الْمُرِيدُ، فَلِأَنْ يَكُونَ رَحْمَانًا رَحِيمًا حَقِيقَةٌ، وَهُوَ مَوْصُوفٌ بِالرَّحْمَةِ حَقِيقَةٌ، وَمِنْ أَسْمَائِهِ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ أَوْلَى وَأَحْرَى.

الْوَجْهُ الرَّابِعَ عَشَرَ: أَنَّ الرَّحْمَةَ مَقْرُونَةٌ فِي حَقِّ الْعَبْدِ بِلَوَازِمِ الْمَخْلُوقِ مِنَ الْحُدُوثِ وَالنَّقْصِ وَالضَّعْفِ وَغَيْرِهِ، وَهَذِهِ اللَّوَازِمُ مُمْتَنِعَةٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ الرَّحْمَةُ اسْمًا لِلْقَدْرِ الْمَمْدُوحِ فَقَطْ، أَوِ الْمَمْدُوحِ وَمَا يَلْزَمُهُ مِنَ النَّقْصِ، فَإِنْ كَانَتِ اسْمًا لِلْقَدْرِ الْكَامِلِ الَّذِي لَا يَسْتَلْزِمُ نَقْصًا، وَذَلِكَ ثَابِتٌ لِلرَّبِّ تَعَالَى كَانَتْ حَقِيقَةً فِي حَقِّهِ قَطْعًا، وَإِنْ كَانَتِ اسْمًا لِلْمَجْمُوعِ فَالثَّابِتُ لِلرَّبِّ تَعَالَى هُوَ الْقَدْرُ الَّذِي لَا نَقْصَ فِيهِ، وَغَايَةُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ قَدِ اسْتُعْمِلَ لَفْظُهَا فِي بَعْضِ مَدْلُولِهِ كَالْعَامِّ إِذَا اسْتُعْمِلَ فِي الْخُصُوصِ، وَالْأَمْرُ إِذَا اسْتُعْمِلَ فِي النَّدْبِ وَذَلِكَ لَا يُخْرِجُ اللَّفْظَ عَنْ حَقِيقَتِهِ عِنْدَ جُمْهُورِ النَّاسِ.
قِيلَ: هَذَا حَقِيقَةٌ عِنْدَهُمْ، فَإِنَّ اللَّفْظَ يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَجْمُوعِ عِنْدَ إِطْلَاقِهِ، وَفِي الْبَعْضِ عِنْدَ تَقْيِيدِهِ، وَالْمُطْلَقُ مَوْضُوعٌ وَالْمُقَيَّدُ مَوْضُوعٌ، كَمَا تَقَدَّمَ، لَا سِيَّمَا أَكْثَرَ النَّاسِ يَقُولُونَ: إِنَّ بَعْضَ الشَّيْءِ وَصِفَتَهُ لَيْسَ غَيْرًا لَهُ، كَمَا أَجَابَ مُثْبِتُو الصِّفَاتِ لِنُفَاتِهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ اللَّفْظُ مُسْتَعْمَلًا فِي غَيْرِ مَوْضُوعِهِ، فَلَا يَكُونُ مَجَازًا.
الْوَجْهُ الْخَامِسَ عَشَرَ: أَنَّ هَذَا النَّقْضَ اللَّازِمَ لِلصِّفَةِ لَيْسَ هُوَ مِنْ مَوْضُوعِهَا وَلَا

اسم الکتاب : مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة المؤلف : ابن الموصلي    الجزء : 1  صفحة : 365
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست