responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الطرق الحكمية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 268
الشَّارِعُ طَرِيقًا لِلتَّعْيِينِ أَوْلَى مِنْ التَّعْيِينِ بِالتَّشَهِّي وَالِاخْتِيَارِ. وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: يَعْتِقُ الْجَمِيعُ وَيُطَلِّقُ، وَهَذَا أَيْضًا لَا يَصِحُّ، فَإِنَّهُ إنَّمَا أَوْقَعَ الْعِتْقَ وَالطَّلَاقَ فِي وَاحِدٍ لَا فِي الْجَمِيعِ، وَكَلَامُهُ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ. وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: لَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ وَلَا تَطْلُقُ امْرَأَةٌ، وَلَا يَصِحُّ أَيْضًا لِوُجُودِ الْوَصْفِ، فَإِنَّهُ لَوْ انْفَرَدَ بِالطُّلُوعِ، أَوْ انْفَرَدَتْ بِهِ لَوَقَعَ الْمُعَلَّقُ بِهِ، وَمُشَارَكَةُ غَيْرِهِ لَا تُخْرِجُهُ عَنْ الِاتِّصَافِ بِالْأَوَّلِيَّةِ، فَقَدْ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فِي الْوَصْفِ، وَالْمُرَادُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، فَيَخْرُجُ بِالْقُرْعَةِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا تَقُولُونَ فِيمَا لَوْ قَالَ: أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ فَهُوَ حُرٌّ، فَوَلَدَتْ اثْنَيْنِ لَا يَدْرِي أَيُّهُمَا هُوَ الْأَوَّلُ. قِيلَ: يُقْرِعُ بَيْنَهُمَا، فِيمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ، قَالَ: يُقْرِعُ بَيْنَهُمَا فَمَنْ أَصَابَتْهُ الْقُرْعَةُ عَتَقَ، وَهَذَا نَظِيرُ أَنْ يَطْلُعَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ، ثُمَّ يُشْكِلُ فِي مَسْأَلَةِ التَّعْلِيقِ بِالطُّلُوعِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَلَوْ وَلَدَتْهُمَا مَعًا، بِأَنْ تَضَعَ مِثْلَ الْكِيسِ، وَفِيهِ وَلَدَانِ أَوْ أَكْثَرُ؟ قِيلَ يَخْرُجُ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ، عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ أَوَّلِ غُلَامٍ يَطْلُعُ لِي فَهُوَ حُرٌّ، فَطَلَعَا مَعًا.
قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَعْتِقَا جَمِيعًا، لِأَنَّ الْأَوَّلِيَّةَ وُجِدَتْ فِيهِمَا جَمِيعًا فَثَبَتَتْ الْحُرِّيَّةُ فِيهِمَا، كَمَا لَوْ قَالَ فِي الْمُسَابَقَةِ: مَنْ سَبَقَ فَلَهُ عَشَرَةٌ، فَسَبَقَ اثْنَانِ: اشْتَرَكَا فِي الْعَشَرَةِ.
وَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: يُعْتِقُ أَيَّهُمَا شَاءَ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، لِأَنَّهُ لَا أَوَّلَ فِيهِمَا، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُسَاوٍ لِلْآخَرِ، وَمِنْ شَرْطِ الْأَوَّلِيَّةِ: سَبْقُ الْأَوَّلِ، قَالَ: وَلَنَا أَنَّ هَذَيْنِ لَمْ يَسْبِقْهُمَا غَيْرُهُمَا، فَكَانَا أَوَّلًا كَالْوَاحِدِ، وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ سَبْقِ الْأَوَّلِ: أَنْ يَأْتِيَ بَعْدَهُ ثَانٍ، بِدَلِيلِ مَا لَوْ مَلَكَ وَاحِدًا وَلَمْ يَمْلِكْ بَعْدَهُ شَيْئًا، وَإِذَا كَانَتْ الصِّفَةُ مَوْجُودَةً فِيهِمَا فَإِمَّا أَنْ يَعْتِقَا جَمِيعًا، أَوْ يَعْتِقَ أَحَدُهُمَا، وَتُعَيِّنُهُ الْقُرْعَةُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَبْلُ، قَالَ: وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِيمَا لَوْ قَالَ: أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ فَهُوَ حُرٌّ، فَوَلَدَتْ اثْنَيْنِ وَخَرَجَا مَعًا، فَالْحُكْمُ فِيهِمَا كَذَلِكَ.
134 - (فَصْلٌ)
فَإِنْ وَلَدَتْ الْأَوَّلَ مَيِّتًا وَالثَّانِي حَيًّا، قَالَ فِي " الْمُغْنِي ": ذَكَرَ الشَّرِيفُ: أَنَّهُ يَعْتِقُ الْحَيُّ مِنْهُمَا، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ الشَّافِعِيُّ: لَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ إنْ شَاءَ اللَّهُ، لِأَنَّ شَرْطَ الْعِتْقِ إنَّمَا وُجِدَ فِي الْمَيِّتِ، وَلَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلْعِتْقِ، فَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ بِهِ.
قَالَ: وَإِنَّمَا قُلْنَا: إنَّ شَرْطَ الْعِتْقِ وُجِدَ فِيهِ، لِأَنَّهُ أَوَّلُ وَلَدٍ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: إذَا وَلَدْت فَأَنْتِ حُرَّةٌ، فَوَلَدَتْ وَلَدًا مَيِّتًا عَتَقَتْ.

اسم الکتاب : الطرق الحكمية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 268
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست