responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الطرق الحكمية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 267
قَالَ: وَسَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ رَجُلٍ قَالَ - وَلَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ - أَوَّلُ امْرَأَةٍ تَطْلُعُ فَهِيَ طَالِقٌ، فَطَلَعْنَ كُلُّهُنَّ؟ قَالَ: قَدْ اخْتَلَفُوا فِي هَذَا أَيْضًا، قُلْت: أَخْبِرْنِي فِيهِ بِشَيْءٍ، فَقَالَ: قَالَ بَعْضُهُمْ: يَقْسِمُ بَيْنَهُنَّ تَطْلِيقَةً، قُلْت: أَخْبِرْنِي فِيهِ بِقَوْلِك، فَقَالَ: يُقْرِعُ بَيْنَهُنَّ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَتْ عَلَيْهَا الْقُرْعَةُ طَلُقَتْ. قُلْت: لَفْظُ " الْأَوَّلِ " يُرَادُ بِهِ مَا يَتَقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ، وَيُرَادُ بِهِ مَا لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَعَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ: لَا يَكُونُ أَوَّلًا إلَّا إذَا تَبِعَهُ غَيْرُهُ وَتَأَخَّرَ عَنْهُ، وَعَلَى الْمَعْنَى الثَّانِي: يَكُونُ أَوَّلًا، وَإِنْ لَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْهُ غَيْرُهُ، فَيَصِحُّ عَلَى هَذَا أَنْ يَقُولَ: مَنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ إلَّا امْرَأَةً وَاحِدَةً، أَوْ لَمْ يُولَدْ لَهُ إلَّا وَلَدٌ وَاحِدٌ، هَذِهِ أَوَّلُ امْرَأَةٍ تَزَوَّجْتهَا، وَهَذَا أَوَّلُ مَوْلُودٍ وُلِدَ لِي. وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ: أَوَّلُ مَوْلُودٍ تَلِدِينَهُ فَهُوَ حُرٌّ، فَوَلَدَتْ وَلَدًا، ثُمًّ لَمْ تَلِدْ بَعْدَهُ شَيْئًا، عَتَقَ ذَلِكَ الْوَلَدُ، وَلَوْ قَالَ: أَوَّلُ مَمْلُوكٍ أَشْتَرِيهِ فَهُوَ حُرٌّ: عَتَقَ الْعَبْدُ الْمُشْتَرَى، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِ بَعْدَهُ غَيْرَهُ، وَإِذَا قَالَ: أَوَّلُ غُلَامٍ يَطْلُعُ لِي فَهُوَ حُرٌّ، أَوْ أَوَّلُ امْرَأَةٍ تَطْلُعُ فَهِيَ طَالِقٌ، فَطَلَعَ مِنْهُمْ جَمَاعَةٌ، فَكُلٌّ مِنْهُمْ صَالِحٌ لَأَنْ يَكُونَ أَوَّلَ، وَلَيْسَ اخْتِصَاصُ أَحَدِهِمْ بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ، فَيَخْرُجُ أَحَدُهُمْ بِالْقُرْعَةِ فَإِنَّهُ لَوْ طَلَعَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ مُعَيَّنٌ: لَكَانَ هُوَ الْحُرَّ وَالْمُطَلَّقَةُ، فَإِذَا طَلَعَ جَمَاعَةٌ، فَاَلَّذِي يَسْتَحِقُّ الْعِتْقَ وَالطَّلَاقَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ وَهُوَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ، فَيَخْرُجُ بِالْقُرْعَةِ.
فَإِنْ قِيلَ: إذَا تَسَاوَوْا فِي الطُّلُوعِ: لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَوَّلٌ، وَلِهَذَا يُقَالُ: لَمْ يَجِئْ أَحَدُهُمْ أَوَّلَ مِنْ الْآخَرِ، فَلَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ فَلَا يَقَعُ الْمُعَلَّقُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ الْجَمِيعُ قَدْ اشْتَرَكُوا فِي الْأَوَّلِيَّةِ: وَجَبَ أَنْ يَشْتَرِكُوا فِي وُقُوعِ الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ.
قِيلَ: إنْ نَوَى وُقُوعَ الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ - إذَا اشْتَرَكُوا فِي ذَلِكَ - وَقَعَ بِالْجَمِيعِ وَإِنَّمَا كَلَامُنَا فِيمَا إذَا نَوَى وُقُوعَ الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ فِي وَاحِدٍ مَوْصُوفٍ بِالْأَوَّلِيَّةِ، فَإِذَا اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فِي الصِّفَةِ: وَجَبَ إخْرَاجُ أَحَدِهِمْ بِالْقُرْعَةِ، فَإِنَّ النِّيَّةَ تُخَصِّصُ الْعَامَّ وَتُقَيِّدُ الْمُطْلَقَ، فَغَايَةُ الْأَمْرِ: أَنْ يُقَالَ: قَدْ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فِي الشَّرْطِ، وَلَكِنَّهُ خَصَّصَ بِنِيَّتِهِ وَاحِدًا.
فَإِنْ قِيلَ: فَمَا تَقُولُونَ فِيمَا لَوْ طَلَّقَ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ؟ قِيلَ: لَوْ طَلَّقَ، فَإِنَّمَا يَقَعُ الْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ بِوَاحِدٍ لَا بِالْجَمِيعِ، لِأَنَّهُ قَالَ: أَوَّلُ غُلَامٍ يَطْلُعُ، وَأَوَّلُ امْرَأَةٍ تَطْلُعُ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ فَرْدًا مِنْ جُمْلَةٍ، لَا مَجْمُوعَ الْجُمْلَةِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: غُلَامٌ مِنْ غِلْمَانِي، وَامْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِي، يَكُونُ أَوَّلَ مُسْتَحِقِّ الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَدْ اتَّصَفَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، وَهُوَ إنَّمَا أَوْقَعَ ذَلِكَ فِي وَاحِدٍ: فَيَخْرُجُ بِالْقُرْعَةِ.
وَمَنْ لَا يَقُولُ بِهَذَا، فَإِمَّا أَنْ يَقُولَ: يُعَيَّنُ بِتَعْيِينِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فَسَادُ ذَلِكَ، وَأَنَّ التَّعْيِينَ بِمَا جَعَلَهُ

اسم الکتاب : الطرق الحكمية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 267
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست