responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الطرق الحكمية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 166
وَأَيْضًا فَإِنَّهَا لَمْ تَسْأَلْهُ الْحُكْمَ، وَإِنَّمَا سَأَلَتْهُ: " هَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ مَا يَكْفِيهَا وَيَكْفِي بَنِيهَا؟ " وَهَذَا اسْتِفْتَاءٌ مَحْضٌ، فَالِاسْتِدْلَالُ بِهِ عَلَى الْحُكْمِ سَهْوٌ.
وَاحْتَجَّ بِمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ أَبُو جَعْفَرٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، «عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْأَطْوَلِ أَنَّ أَخَاهُ مَاتَ وَتَرَكَ ثَلَاثَمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَتَرَكَ عِيَالًا، قَالَ: فَأَرَدْتُ أَنْ أُنْفِقَهَا عَلَى عِيَالِهِ، فَقَالَ لِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّ أَخَاكَ مَحْبُوسٌ بِدَيْنِهِ، فَاقْضِ عَنْهُ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ قَضَيْتُ عَنْهُ إلَّا دِينَارَيْنِ ادَّعَتْهُمَا امْرَأَةٌ، وَلَيْسَتْ لَهَا بَيِّنَةٌ قَالَ: أَعْطِهَا، فَإِنَّهَا مُحِقَّةٌ وَفِي لَفْظٍ فَإِنَّهَا صَادِقَةٌ» وَهَذَا أَصْرَحُ فِي الدَّلَالَةِ مِمَّا قَبْلَهُ.
وَقَالَ حَمَّادٌ عَنْ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الصَّحَابَةِ بِمِثْلِهِ، وَلَكِنْ لَمْ يُسَمِّ: كَمْ تَرَكَ؟ .
وَبَعْدُ، فَهَذَا لَا يَدُلُّ أَيْضًا، فَإِنَّ الْمَنْعَ مِنْ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِعِلْمِهِ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ التُّهْمَةِ هِيَ مَعْلُومَةُ الِانْتِفَاءِ مِنْ سَيِّدِ الْحُكَّامِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَاحْتُجَّ بِمَا فِي " الصَّحِيحَيْنِ " مِنْ حَدِيثِ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَرْسَلَتْ إلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ، إنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ فِي هَذَا الْمَالِ» ، وَإِنِّي وَاَللَّهِ لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إلَى فَاطِمَةَ مِنْهَا شَيْئًا. - وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
وَالِاسْتِدْلَالُ بِهِ سَهْوٌ أَيْضًا؛ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلِمَ مِنْ دِينِ الرَّسُولِ أَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى بَاطِلَةٌ لَا يُسَوَّغُ الْحُكْمُ بِمُوجِبِهَا، بَلْ دَعْوَاهَا بِمَنْزِلَةِ دَعْوَى اسْتِحْقَاقِ مَا عَلِمَ وَتَحَقَّقَ دَفْعُهُ بِالضَّرُورَةِ، بَلْ بِمَنْزِلَةِ مَا يَعْلَمُ بُطْلَانَهُ قَطْعًا مِنْ الدَّعَاوَى، وَسَيِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - خَفِيَ عَلَيْهَا حُكْمُ هَذِهِ الدَّعْوَى، وَعَلِمَهُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَمَنْ مَعَهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ، فَالصِّدِّيقُ مَعَهُ الْحُجَّةُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَسْمَعْ هَذِهِ الدَّعْوَى، وَلَمْ يَحْكُمْ بِمُوجِبِهَا، لِلْحُجَّةِ الظَّاهِرَةِ الَّتِي عَلِمَهَا مَعَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ

اسم الکتاب : الطرق الحكمية المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 166
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست