اسم الکتاب : الصلاة وأحكام تاركها المؤلف : ابن القيم الجزء : 1 صفحة : 116
فصل
وأما المسألة الثامنة وهي هل له فعلها في بتيه أم يتعين المسجد؟
فهذه المسألة فيها قولان للعلماء وهما روايتان عن الإمام أحمد: أحدهما له فعلها في بيته وبذلك قالت الحنفية والمالكية وهو أحد الوجهين للشافعية. والثاني: ليس له فعلها في البيت إلا من عذر, وفي المسألة قول ثالث: فعلها في المسجد فرض كفاية وهو الوجه الثاني لأصحاب الشافعي, وجه القول الأول حديث الرجلين اللذين صليا في رحالهما فإن النبي صلى الله عليه وسلم ندبهما إلى فعلها في المسجد ولم ينكر عليهما فعلها في رحالهما, وكذلك حديث محجن بن الأدرع وحديث عبد الله بن عمر وقد تقدمت هذه الأحاديث, وفي الصحيحن عن أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا
يكونوا صلوا جماعة مع غير هذه الجماع, ة أويكونوا معذورين وقت الصلاة, ومن صلى وحده لعذر ثم زال عذره في الوقت لم يجب عليه إعادة الصلاة, كما لو صلى بالتيمم ثم وجد الماء في الوقت أو صلى قاعدا لمرض ثم بريء في الوقت أو صلى عريانا ثم وجد السترة في الوقت.
قالوا: وقد دلت أحكام الشريعة على أن صلاة الجماعة فرض على كل واحد وذلك من وجوه أحدها أن الجمع لأجل المطر جائز وليس جوازه إلا محافظة على الجماعة, وإلا فمن الممكن أن يصلي كل واحد في بيته منفردا, ولو كانت الجماعة ندبا لما جاز ترك الواجب, وتقديم الصلاةعن وقتها ندب محض.
الثاني: أن المريض إذا لم يستطع القيام في الجماعة وأطاق القيام إذا صلى وحده صلى جماعة وترك القيام ومحال أن يترك ركنا من أركان الصلاة لمندوب محض.
الثالث: أن الجماعة حال الخوف يفارقون الإمام ويعملون العمل الكثير في الصلاة ويجعلون الإمام منفردا في وسط الصلاة كل ذلك لأجل تحصيل الجماعة, وكان من الممكن أن يصلوا وحدانا بدون هذه الأمور ومحال أن يرتكب ذلك وغيره لأجل أمر مندوب إن شاء فعله وإن شاء لم يفعله, وبالله التوفيق.
اسم الکتاب : الصلاة وأحكام تاركها المؤلف : ابن القيم الجزء : 1 صفحة : 116