اسم الکتاب : الصلاة وأحكام تاركها المؤلف : ابن القيم الجزء : 1 صفحة : 115
صلى وحده, فدل على أن من له جزء من سبعة وعشرين جزءا هو المعذور الذي له صلاة, قالوا: والله تعالى يفضل القادر على العاجز وإن لم يؤاخذه فذلك فضله يؤتيه من يشاء.
وفي صحيح البخاري عن عمران بن حصين وكان مبسورا قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الرجل وهو قاعد فقال: "من صلى قائما فهو أفضل ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القائم ومن صلى نائما فله نصف أجر القاعد". فهذا إنما هو في المعذور وإلا فغير المعذور ليس له من الأجر شيء إذا كانت الصلاة فرضا, وإن كانت نفلا لم يجز له التطوع على جنب فإنه لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما من الدهر ولا أحد من الصحابة البتة مع شدة حرصهم على أنواع العبادة وفعل كل خير, ولهذا جمهور الأمة يمنع منه ولا تجوز الصلاة على جنب إلا لمن لم يستطع القعود كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران: "صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب". وعمران بن حصين هو راوي الحديثين وهو الذي سأل عنهما النبي صلى الله عليه وسلم.
فصل
وأما استدلالكم بحديث عثمان بن عفان: "من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل". فمن أفسد الاستدلال وأظهر ما في نقضه عليكم قوله صلى الله عليه وسلم: "من صام رمضان واتبعه ستا من شوال فكأنما صام الدهر". وصيام الدهر غير واجب وقد شبه به الواجب. بل الصحيح أن صيام الدهر كله مكروه فقد شبه به الصوم الواجب فغير ممتنع تشبيه الواجب بالمستحب في مضاعفة الأجر على الواجب القليل حتى يبلغ ثوابه ثواب المستحب الكثير.
فصل
وأما استدلالكم بحديث يزيد بن الأسود ومحجن بن الأدرع وأبي ذر وعبادة فليس في حديث واحد منهم أن الرجل كان قد صلى وحده منفردا مع قدرته على الجماعة البتة ولو أخبر النبي صلى الله عليه وسلم لما أقره على ذلك وأنكرعليه. وكذلك ابن عمر لم يقل صليت وحدي وأنا أقدر على الجماعة. ونحن نقول: إنه لم يصل من ترك الجماعة وهو يقدر عليها. ونقول كما قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه لا صلاة له, فحيث يثبت لهؤلاء صلاة فلا بد من أحد الأمرين: أن
اسم الکتاب : الصلاة وأحكام تاركها المؤلف : ابن القيم الجزء : 1 صفحة : 115