responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 88
قَالَ: أَحْسَبُهُ يَزِيدَ بْنَ سِنَانٍ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ وَلَا خَائِنَةٍ وَلَا ظَنِينٍ فِي وَلَاءٍ أَوْ قَرَابَةٍ وَلَا مَجْلُودٍ» قَالُوا: وَلِأَنَّ بَيْنَهُمَا مِنْ الْبَعْضِيَّةِ وَالْجُزْئِيَّةِ مَا يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ، كَمَا مَنَعَ مِنْ إعْطَائِهِ مِنْ الزَّكَاةِ، وَمِنْ قَتْلِهِ بِالْوَلَدِ، وَحَدِّهِ بِقَذْفِهِ؛ قَالُوا: وَلِهَذَا لَا يَثْبُتُ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ دَيْنٌ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَا يُطَالَبُ بِهِ، وَلَا يُحْبَسُ مِنْ أَجْلِهِ، قَالُوا: وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ} [النور: 61] وَلَمْ يَذْكُرْ بُيُوتَ الْأَبْنَاءِ لِأَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي بُيُوتِهِمْ أَنْفُسِهِمْ، فَاكْتَفَى بِذِكْرِهَا دُونَهَا، وَإِلَّا فَبُيُوتُهُمْ أَقْرَبُ مِنْ بُيُوتِ مَنْ ذَكَرَ فِي الْآيَةِ: قَالُوا: وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا} [الزخرف: 15] أَيْ وَلَدًا، فَالْوَلَدُ جُزْءٌ؛ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الرَّجُلِ فِي جُزْئِهِ.
قَالُوا: وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ، وَإِنَّ وَلَدَهُ مِنْ كَسْبِهِ» فَكَيْفَ يَشْهَدُ الرَّجُلُ لِكَسْبِهِ؟ قَالُوا: وَالْإِنْسَانُ مُتَّهَمٌ فِي وَلَدِهِ، مَفْتُونٌ بِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن: 15] فَكَيْفَ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمَرْءِ لِمَنْ قَدْ جُعِلَ مَفْتُونًا بِهِ؟ وَالْفِتْنَةُ مَحَلُّ التُّهْمَةِ.
فَصْلٌ قَالَ الْآخَرُونَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} [التوبة: 115] وَقَالَ تَعَالَى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: 89] وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 106] وَلَا رَيْبَ فِي دُخُولِ الْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ وَالْأَقَارِبِ فِي هَذَا اللَّفْظِ كَدُخُولِ الْأَجَانِبِ؛ وَتَنَاوُلِهَا لِلْجَمِيعِ بِتَنَاوُلٍ وَاحِدٍ، هَذَا مِمَّا لَا يُمْكِنُ دَفْعُهُ، وَلَمْ يَسْتَثْنِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَلَا رَسُولُهُ مِنْ ذَلِكَ أَبًا وَلَا وَلَدًا وَلَا أَخًا وَلَا قَرَابَةً، وَلَا أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى اسْتِثْنَاءِ أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ؛ فَتَلْزَمُ الْحُجَّةُ بِإِجْمَاعِهِمْ.
وَقَدْ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: تَجُوزُ شَهَادَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ، وَالْوَلَدُ لِوَالِدِهِ، وَالْأَخُ لِأَخِيهِ، وَعَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مِثْلُ هَذَا

اسم الکتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 88
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست