responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 87
يَوْمئِذٍ، وَهَذِهِ عَلَى مَا قَضَيْنَا الْيَوْمَ؛ فَأَخَذَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فِي كِلَا الِاجْتِهَادَيْنِ بِمَا ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ الْحَقُّ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ الْقَضَاءُ الْأَوَّلُ مِنْ الرُّجُوعِ إلَى الثَّانِي، وَلَمْ يَنْقَضِ الْأَوَّلُ بِالثَّانِي، فَجَرَى أَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ بَعْدَهُ عَلَى هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ.

[مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ]
قَوْلُهُ: " وَالْمُسْلِمُونَ عُدُولٌ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، إلَّا مُجَرَّبًا عَلَيْهِ شَهَادَةُ زُورٍ، أَوْ مَجْلُودًا فِي حَدٍّ، أَوْ ظَنِينًا فِي وَلَاءٍ أَوْ قَرَابَةٍ " لَمَّا جَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ هَذِهِ الْأُمَّةَ أُمَّةً وَسَطًا لِيَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ - وَالْوَسَطُ: الْعَدْلُ الْخِيَارُ - كَانُوا عُدُولًا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، إلَّا مَنْ قَامَ بِهِ مَانِعُ الشَّهَادَةِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ قَدْ جُرِّبَ عَلَيْهِ شَهَادَةُ الزُّورِ؛ فَلَا يُوثَقُ بَعْدَ ذَلِكَ بِشَهَادَتِهِ، أَوْ مَنْ جُلِدَ فِي حَدٍّ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ نَهَى عَنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِ، أَوْ مُتَّهَمٌ بِأَنْ يَجُرَّ إلَى نَفْسِهِ نَفْعًا مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ كَشَهَادَةِ السَّيِّدِ لِعَتِيقِهِ بِمَالٍ أَوْ شَهَادَةِ الْعَتِيقِ لِسَيِّدِهِ إذَا كَانَ فِي عِيَالِهِ أَوْ مُنْقَطِعًا إلَيْهِ يَنَالُهُ نَفْعُهُ، وَكَذَلِكَ شَهَادَةُ الْقَرِيبِ لِقَرِيبِهِ لَا تُقْبَلُ مَعَ التُّهْمَةِ، وَتُقْبَلُ بِدُونِهَا، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ.
[شَهَادَةُ الْقَرِيبِ لِقَرِيبِهِ أَوْ عَلَيْهِ]
وَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ: فَمِنْهُمْ جَوَّزَ شَهَادَةَ الْقَرِيبِ لِقَرِيبِهِ مُطْلَقًا كَالْأَجْنَبِيِّ، وَلَمْ يَجْعَلْ الْقَرَابَةَ مَانِعَةً مِنْ الشَّهَادَةِ بِحَالٍ، كَمَا يَقُولُهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ، وَهَؤُلَاءِ يَحْتَجُّونَ بِالْعُمُومَاتِ الَّتِي لَا تُفَرِّقُ بَيْنَ أَجْنَبِيٍّ وَقَرِيبٍ، وَهَؤُلَاءِ أَسْعَدُ بِالْعُمُومَاتِ، وَمَنَعَتْ طَائِفَةٌ شَهَادَةَ الْأُصُولِ لِلْفُرُوعِ وَالْفُرُوعِ لِلْأُصُولِ خَاصَّةً، وَجَوَّزَتْ شَهَادَةَ سَائِرِ الْأَقَارِبِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ،، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَلَيْسَ مَعَ هَؤُلَاءِ نَصٌّ صَرِيحٌ صَحِيحٌ بِالْمَنْعِ.
وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ لَوْ قُبِلَتْ شَهَادَةُ الْأَبِ لِابْنِهِ لَكَانَتْ شَهَادَةً مِنْهُ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ مِنْهُ؛ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّمَا فَاطِمَةُ بُضْعَةٌ مِنِّي يُرِيبُنِي مَا رَابَهَا، وَيُؤْذِينِي مَا آذَاهَا» قَالُوا: وَكَذَلِكَ بَنُو الْبَنَاتِ، فَقَدْ «قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَسَنِ: إنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ» قَالَ الشَّافِعِيُّ فَإِذَا شَهِدَ لَهُ فَإِنَّمَا يَشْهَدُ لِشَيْءٍ مِنْهُ، قَالَ: وَبَنُوهُ هُمْ مِنْهُ، فَكَأَنَّهُ شَهِدَ لِبَعْضِهِ، قَالُوا: وَالشَّهَادَةُ تُرَدُّ بِالتُّهْمَةِ، وَالْوَالِدُ مُتَّهَمٌ فِي وَلَدِهِ فَهُوَ ظَنِينٌ فِي قَرَابَتِهِ، قَالُوا: وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْأَوْلَادِ «إنَّكُمْ لَتَبْخَلُونَ وَتُجَبِنُّونَ، وَإِنَّكُمْ لَمِنْ رِيحَانِ اللَّهِ» وَفِي أَثَرٍ آخَرَ «الْوَلَدُ مَبْخَلَةٌ مَجْبَنَةٌ» قَالُوا: وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنْتَ وَمَالِكُ لِأَبِيك» فَإِذَا كَانَ مَالُ الِابْنِ لِأَبِيهِ فَإِذَا شَهِدَ لَهُ الْأَبُ بِمَالٍ كَانَ قَدْ شَهِدَ بِهِ لِنَفْسِهِ، قَالُوا: وَقَدْ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: ثنا جَرِيرٌ عَنْ مُعَاوِيَةَ عَنْ يَزِيدَ الْجَزَرِيِّ

اسم الکتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 87
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست