responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 285
اُنْتُقِضَ، فَإِنَّ طَرْدَهُ تَقْدِيمُ الْإِخْوَةِ عَلَى الْجَدِّ، فَلَمَّا اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى بُطْلَانِ طَرْدِهِ عُلِمَ أَنَّهُ فَاسِدٌ فِي نَفْسِهِ.
يُوَضِّحُهُ الْوَجْهُ الْحَادِيَ عَشَرَ: [وَهُوَ] أَنَّ الْجَدَّ يَقُومُ مَقَامَ الْأَبِ فِي التَّعْصِيبِ فِي كُلِّ صُورَةٍ مِنْ صُوَرِهِ، وَيُقَدَّمُ عَلَى كُلِّ عَصَبَةٍ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ الْأَبُ، فَمَا الَّذِي أَوْجَبَ اسْتِثْنَاءَ الْإِخْوَةِ خَاصَّةً مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ؟
يُوَضِّحُهُ الْوَجْهُ الثَّانِي عَشَرَ: [وَهُوَ] أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُوجِبُ لِاسْتِثْنَائِهِمْ قُوَّتَهُمْ وَجَبَ تَقْدِيمُهُمْ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مُسَاوَاتُهُمْ لَهُ فِي الْقُرْبِ وَجَبَ اعْتِبَارُهَا فِي بَنِيهِمْ وَآبَائِهِ لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي السَّبَبِ الَّذِي اشْتَرَكَ فِيهِ هُوَ وَالْإِخْوَةُ، وَهَذَا مَا لَا جَوَابَ لَهُمْ عَنْهُ.
يُوَضِّحُهُ الْوَجْهُ الثَّالِثَ عَشَرَ: وَهُوَ أَنَّهُ قَدْ اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى أَنَّ الْأَخَ لَا يُسَاوِي الْجَدَّ، فَإِنَّ لَهُمْ قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ.
وَالثَّانِي: تَوْرِيثُهُ مَعَهُ، وَالْمُوَرِّثُونَ لَا يَجْعَلُونَهُ كَأَخٍ مُطْلَقًا، بَلْ مِنْهُمْ مَنْ يُقَاسِمُ بِهِ الْإِخْوَةَ إلَى الثُّلُثِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُقَاسِمُهُمْ بِهِ إلَى السُّدُسِ، فَإِنْ نَقَصَتْهُ الْمُقَاسَمَةُ عَنْ ذَلِكَ أَعْطَوْهُ إيَّاهُ فَرْضًا وَأَدْخَلُوا النَّقْصَ عَلَيْهِمْ أَوْ حَرَمُوهُمْ، كَزَوْجٍ وَأُمٍّ وَجَدٍّ وَأَخٍ، فَلَوْ كَانَ الْأَخُ مُسَاوِيًا لِلْجَدِّ وَأَوْلَى مِنْهُ كَمَا ادَّعَى الْمُوَرِّثُونَ أَنَّهُ الْقِيَاسُ لَسَاوَاهُ فِي هَذَا السُّدُسِ وَقُدِّمَ عَلَيْهِ، فَعُلِمَ أَنَّ الْجَدَّ أَقْوَى، وَحِينَئِذٍ فَقَدْ اجْتَمَعَ عَصَبَتَانِ وَأَحَدُهُمَا أَقْوَى مِنْ الْآخَرِ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ.
يُوَضِّحُهُ الْوَجْهُ الرَّابِعَ عَشَرَ: [وَهُوَ] أَنَّ الْمُوَرِّثِينَ لِلْإِخْوَةِ لَمْ يَقُولُوا فِي التَّوْرِيثِ قَوْلًا يَدُلُّ عَلَيْهِ نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ وَلَا قِيَاسٌ مَعَ تَنَاقُضِهِمْ.
وَأَمَّا الْمُقَدِّمُونَ لَهُ عَلَى الْإِخْوَةِ فَهُمْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ وَالْقِيَاسِ وَعَدَمِ التَّنَاقُضِ، فَإِنَّ مِنْ الْمُوَرِّثِينَ مَنْ يُزَاحِمُ بِهِ إلَى الثُّلُثِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُزَاحِمُ بِهِ إلَى السُّدُسِ، وَلَيْسَ فِي الشَّرِيعَةِ مَنْ يَكُونُ عَصَبَةً يُقَاسِمُ عَصَبَةَ نَظِيرِهِ إلَى حَدٍّ ثُمَّ يُفْرَضُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْحَدِّ، فَلَمْ يَجْعَلُوهُ مَعَهُمْ عَصَبَةً مُطْلَقًا، وَلَا ذَا فَرْضٍ مُطْلَقًا، وَلَا قَدَّمُوهُ عَلَيْهِمْ مُطْلَقًا، وَلَا سَاوَوْهُ بِهِمْ مُطْلَقًا، ثُمَّ فَرَضُوا لَهُ سُدُسًا أَوْ ثُلُثًا بِغَيْرِ نَصٍّ وَلَا إجْمَاعٍ وَلَا قِيَاسٍ ثُمَّ حَسَبُوا عَلَيْهِ الْإِخْوَةَ مِنْ الْأَبِ وَلَمْ يُعْطُوهُمْ شَيْئًا إذَا كَانَ هُنَاكَ إخْوَةٌ لِأَبَوَيْنِ، ثُمَّ جَعَلُوا الْأَخَوَاتِ مَعَهُ عَصَبَةً إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ فَرَضُوا فِيهَا لِلْأُخْتِ، ثُمَّ لَمْ يُهَنُّوهَا بِمَا فَرَضُوا لَهَا، بَلْ عَادُوا عَلَيْهَا بِالْإِبْطَالِ فَأَخَذُوهُ وَأَخَذُوا مَا أَصَابَهُ فَقَسَمُوهُ بَيْنَهُمَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، ثُمَّ أَعَالُوا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ خَاصَّةً مِنْ مَسَائِلِ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ، وَلَمْ يُعِيلُوا غَيْرَهَا، ثُمَّ رَدُّوهَا بَعْدَ الْعَوْلِ إلَى التَّعْصِيبِ وَسَلَّمَ الْمُقَدِّمُونَ لَهُ عَلَى الْإِخْوَةِ مِنْ هَذَا كُلِّهِ مَعَ فَوْزِهِمْ بِدَلَالَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْقِيَاسِ وَدُخُولِهِمْ فِي حِزْبِ الصِّدِّيقِ.

اسم الکتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 285
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست