responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 284
عَبْدِ اللَّهِ دُونَ إخْوَتِي وَلَا أَرِثُهُمْ دُونَ إخْوَتِهِمْ؟ ، فَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ الْجَلِيُّ وَالْمِيزَانُ الصَّحِيحُ الَّذِي لَا مَغْمَزَ فِيهِ وَلَا تَطْفِيفَ.
يُوَضِّحُهُ الْوَجْهُ الثَّامِنُ: [وَهُوَ] أَنَّ قَاعِدَةَ الْفَرَائِضِ وَأُصُولَهَا إذَا كَانَ قَرَابَةُ الْمُدْلِي مِنْ الْوَاسِطَةِ مِنْ جِنْسِ قَرَابَةِ الْوَاسِطَةِ كَانَ أَقْوَى مِمَّا إذَا اخْتَلَفَ جِنْسُ الْقَرَابَتَيْنِ، مِثَالُ ذَلِكَ أَنَّ الْمَيِّتَ يُدْلِي إلَيْهِ ابْنُهُ بِقَرَابَةِ الْبُنُوَّةِ، وَأَبُوهُ يُدْلِي إلَيْهِ بِقَرَابَةِ الْأُبُوَّةِ، فَإِذَا أَدْلَى إلَيْهِ وَاحِدٌ بِبُنُوَّةِ الْبُنُوَّةِ وَإِنْ بَعُدَتْ كَانَ أَقْوَى مِمَّنْ يُدْلِي إلَيْهِ بِقَرَابَةِ بُنُوَّةِ الْأُبُوَّةِ وَإِنْ قَرُبَتْ، فَكَذَلِكَ قَرَابَةُ أُبُوَّةِ الْأُبُوَّةِ وَإِنْ عَلَتْ أَقْوَى مِنْ قَرَابَةِ بُنُوَّةِ الْأَبِ وَإِنْ قَرُبَتْ، وَقَدْ ظَهَرَ اعْتِبَارُ هَذَا فِي تَقْدِيمِ جَدِّ الْجَدِّ وَإِنْ عَلَا عَلَى ابْنِ الْأَخِ وَإِنْ قَرُبَ وَعَلَى الْعَمِّ؛ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ الَّتِي يُدْلِي بِهَا الْجَدُّ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَهِيَ الْأُبُوَّةُ، وَالْقَرَابَةُ الَّتِي يُدْلِي بِهَا الْأَخُ وَبَنُوهُ مِنْ جِنْسَيْنِ وَهِيَ بُنُوَّةُ الْأُبُوَّةِ، وَلِهَذَا قُدِّمَتْ قَرَابَةُ ابْنِ الْأَخِ عَلَى قَرَابَةِ ابْنِ الْجَدِّ؛ لِأَنَّهَا قَرَابَةُ بُنُوَّةِ أَبٍ، وَتِلْكَ قَرَابَةُ بُنُوَّةِ أَبِي أَبٍ، فَبَيْنَ ابْنِ الْأَخِ فِيهَا وَبَيْنَ الْمَيِّتِ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَهِيَ الْأُخُوَّةُ، فَبِوَاسِطَتِهَا وَصَلَ إلَيْهِ، بِخِلَافِ الْعَمِّ فَإِنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ جِنْسَيْنِ أَحَدُهُمَا الْأُبُوَّةُ وَالثَّانِي بُنُوَّتُهَا، وَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ بِنَاءُ بَابِ الْعَصَبَاتِ.
يُوَضِّحُهُ الْوَجْهُ التَّاسِعُ: وَهُوَ أَنَّ كُلَّ بَنِي أَبٍ أَدْنَى وَإِنْ بَعُدُوا عَنْ الْمَيِّتِ يُقَدَّمُونَ فِي التَّعْصِيبِ عَلَى بَنِي الْأَبِ الْأَعْلَى وَإِنْ كَانُوا أَقْرَبَ إلَى الْمَيِّتِ، فَابْنُ ابْنِ ابْنِ الْأَخِ يُقَدَّمُ عَلَى الْعَمِّ الْقَرِيبِ، وَابْنُ ابْنِ ابْنِ الْعَمِّ وَإِنْ نَزَلَ يُقَدَّمُ عَلَى عَمِّ الْأَبِ، وَهَذَا مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ الْجِنْسَ الْوَاحِدَ يَقُومُ أَقْصَاهُ مَقَامَ أَدْنَاهُ، وَيُقَدَّمُ الْأَقْصَى عَلَى مَنْ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ الْأَدْنَى، فَيُقَدَّمُ ابْنُ ابْنِ الِابْنِ عَلَى مَنْ يُقَدَّمُ الْعَمَّ، فَمَا بَالُ أَبِ الْأَبِ وَحْدَهُ خَرَجَ مِنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَلَمْ يُقَدَّمْ عَلَى مَنْ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ الْأَبُ؟
وَبِهَذَا يَظْهَرُ بُطْلَانُ تَمْثِيلِ الْأَخِ وَالْجَدِّ بِالشَّجَرَةِ الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا غُصْنَانِ وَالنَّهْرِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ سَاقِيَتَانِ، فَإِنَّ الْقَرَابَةَ الَّتِي مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ أَقْوَى مِنْ الْقَرَابَةِ الْمُرَكَّبَةِ مِنْ جِنْسَيْنِ، وَهَذِهِ الْقَرَابَةُ الْبَسِيطَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى تِلْكَ الْمُرَكَّبَةِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَالِاعْتِبَارِ الصَّحِيحِ، ثُمَّ قِيَاسُ الْقَرَابَةِ عَلَى الْقَرَابَةِ وَالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى مِثْلِهَا أَوْلَى مِنْ قِيَاسِ قَرَابَةِ الْآدَمِيِّينَ عَلَى الْأَشْجَارِ وَالْأَنْهَارِ مِمَّا لَيْسَ فِي الْأَصْلِ حُكْمًا شَرْعِيًّا، ثُمَّ نَقُولُ: بَلْ النَّهْرُ الْأَعْلَى أَوْلَى بِالْجَدْوَلِ مِنْ الْجَدْوَلِ الَّتِي اُشْتُقَّ مِنْهُ، وَأَصْلُ الشَّجَرَةِ أَوْلَى بِغُصْنِهَا مِنْ الْغُصْنِ الْآخَرِ، فَإِنَّ هَذَا صِنْوُهُ وَنَظِيرُهُ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ، وَذَلِكَ أَصْلُهُ وَحَامِلُهُ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَيْهِ، وَاحْتِيَاجُ الشَّيْءِ إلَى أَصْلِهِ أَقْوَى مِنْ احْتِيَاجِهِ إلَى نَظِيرِهِ، فَأَصْلُهُ أَوْلَى بِهِ مِنْ نَظِيرِهِ.
يُوَضِّحُهُ الْوَجْهُ الْعَاشِرُ: [وَهُوَ] أَنَّ هَذَا الْقِيَاسَ لَوْ كَانَ صَحِيحًا لَوَجَبَ طَرْدُهُ، وَلَمَا

اسم الکتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 284
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست