responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 191
حَرَامٌ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَفْوٌ مُبَاحٌ فَبَطَلَ مَا سِوَى ذَلِكَ، وَالْقِيَاسُ خَارِجٌ عَنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ؛ فَيَكُونُ بَاطِلًا، وَالْمَقِيسُ مَسْكُوتٌ عَنْهُ بِلَا رَيْبٍ؛ فَيَكُونُ عَفْوًا بِلَا رَيْبٍ، فَإِلْحَاقُهُ بِالْمُحَرَّمِ تَحْرِيمٌ لِمَا عَفَا اللَّهُ عَنْهُ.
، وَفِي قَوْلِهِ «، ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ» بَيَانٌ جَلِيٌّ أَنَّ مَا لَا نَصَّ فِيهِ فَلَيْسَ بِحَرَامٍ وَلَا وَاجِبٍ، وَدَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ أَوَامِرَهُ عَلَى الْوُجُوبِ حَتَّى يَجِيءَ مَا يَرْفَعُ ذَلِكَ، أَوْ يُبَيِّنُ أَنَّ مُرَادَهُ النَّدْبُ، وَأَنَّ مَا لَا نَسْتَطِيعُهُ فَسَاقِطٌ عَنَّا.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمُغَلِّسِ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثنا أَبُو قِلَابَةَ الرَّقَاشِيُّ ثنا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ ثنا سَيْفُ بْنُ هَارُونَ الْبُرْجُمِيُّ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ سَلْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَشْيَاءَ، فَقَالَ: الْحَلَالُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ، وَالْحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ» ، وَهَذَا إسْنَادٌ جَيِّدٌ مَرْفُوعٌ، وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ، وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ.

[فَصْلٌ نهى الصَّحَابَةُ عَنْ الْقِيَاسِ]
فَصْلٌ [الصَّحَابَةُ نَهَوْا عَنْ الْقِيَاسِ أَيْضًا]
وَأَمَّا الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَقَدْ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: إذَا جَاءَكَ الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا تَضْرِبْ لَهُ الْأَمْثَالَ.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَحَبُّ الْكَلَامِ إلَى اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - أَرْبَعٌ» ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَفِي آخِرِهِ «، لَا تُسَمِّينَ غُلَامَكَ يَسَارًا وَلَا رَبَاحًا وَلَا نَجِيحًا وَلَا أَفْلَحَ، فَإِنَّكَ تَقُولُ: أَثَمَّ هُوَ؟ فَيُقَالُ: لَا، إنَّمَا هُنَّ أَرْبَعٌ فَلَا تَزِيدُنَّ عَلَيَّ» .
قَالُوا: فَلَمْ يُجِزْ سَمُرَةُ أَنْ يَنْهَى عَمَّا عَدَا الْأَرْبَعَ قِيَاسًا عَلَيْهَا، وَجَعَلَ ذَلِكَ زِيَادَةً فَلَمْ يَزِدْ عَلَى الْأَرْبَعِ بِالْقِيَاسِ التَّسْمِيَةَ بِسَعْدٍ وَفَرَجٍ وَخَيْرٍ وَبَرَكَةٍ وَنَحْوِهَا، وَمُقْتَضَى قَوْلِ الْقِيَاسِيِّينَ أَنَّ الْأَسْمَاءَ الَّتِي سَكَتَ عَنْهَا النَّصُّ أَوْلَى بِالنَّهْيِ؛ فَيَكُونُ إلْحَاقُهَا بِقِيَاسِ الْأُولَى أَوْ مِثْلِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَلَعَلَّ قَوْلَهُ «، إنَّمَا هُنَّ أَرْبَعٌ فَلَا تَزِيدُنَّ عَلَيَّ» ، مَرْفُوعٌ مِنْ نَفْسِ كَلَامِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَوْ لَعَلَّ سَمُرَةَ أَرَادَ بِهَا إنَّمَا حَفِظْتُ هَذِهِ الْأَرْبَعَ فَلَا تَزِيدُنَّ عَلَيَّ فِي الرِّوَايَةِ.
قِيلَ: أَمَّا السُّؤَالُ الْأَوَّلُ فَصَرِيحٌ فِي إبْطَالِ الْقِيَاسِ، فَإِنَّ الْمَعْنَى وَاحِدٌ، وَمَعَ هَذَا فَخَصَّ النَّهْيَ بِالْأَرْبَعِ، وَأَمَّا السُّؤَالُ الثَّانِي فَقَوْلُهُ " إنَّمَا هُنَّ أَرْبَعٌ " يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الرِّوَايَةِ وَالْحُكْمِ بِهَا، وَنَفْيَ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا رِوَايَةً وَحُكْمًا؛ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ.

اسم الکتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 191
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست