responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 164
وَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَلْبَسُ أَحْسَنَ مَا يَكُونُ مِنْ الْيَمَنِيَّةِ، فَقَالُوا لَا بَأْسَ، فَمَا جَاءَ بِكَ؟ فَقُلْتُ: أَتَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ صَاحِبِي، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَخَتَنُهُ، وَأَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْوَحْيِ مِنْكُمْ، وَعَلَيْهِمْ نَزَلَ الْقُرْآنُ، أَبْلَغَكُمْ عَنْهُمْ وَأَبْلَغَهُمْ عَنْكُمْ، فَمَا الَّذِي نَقَمْتُمْ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ قُرَيْشًا قَوْمٌ خَصِمُونَ، قَالَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} [الزخرف: 58] . فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَلِّمُوهُ، فَانْتَحَى لِي رَجُلَانِ مِنْهُمْ أَوْ ثَلَاثَةٌ، فَقَالُوا: إنْ شِئْتَ تَكَلَّمْتَ وَإِنْ شِئْتَ تَكَلَّمْنَا، فَقُلْتُ: بَلْ تَكَلَّمُوا، فَقَالُوا: ثَلَاثٌ نَقَمْنَاهُنَّ عَلَيْهِ، جَعَلَ الْحُكْمَ إلَى الرِّجَالِ وَقَالَ اللَّهُ: {إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ} [الأنعام: 57] ، فَقُلْتُ: قَدْ جَعَلَ اللَّهُ الْحُكْمَ مِنْ أَمْرِهِ إلَى الرِّجَالِ فِي رُبْعِ دِرْهَمٍ فِي الْأَرْنَبِ وَفِي الْمَرْأَةِ وَزَوْجِهَا: {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} [النساء: 35] ، أَفَخَرَجْتُ مِنْ هَذِهِ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالُوا: وَأُخْرَى مَحَا نَفْسَهُ أَنْ يَكُونَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَأَمِيرُ الْكَافِرِينَ هُوَ، فَقُلْتُ لَهُمْ: أَرَأَيْتُمْ إنْ قَرَأْتُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِهِ مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَرْجِعُونَ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قُلْتُ: قَدْ سَمِعْتُمْ أَوْ أَرَاهُ قَدْ بَلَّغَكُمْ، أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ جَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَلِيٍّ: اُكْتُبْ: هَذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالُوا: لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ لَمْ نُقَاتِلْكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَلِيٍّ: " اُمْحُ يَا عَلِيُّ " أَفَخَرَجْتُ مِنْ هَذِهِ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: وَأَمَّا قَوْلُكُمْ قَتَلَ وَلَمْ يَسْبِ وَلَمْ يَغْنَمْ أَفَتَسْبُونَ أُمَّكُمْ وَتَسْتَحِلُّونَ مِنْهَا مَا تَسْتَحِلُّونَ مِنْ غَيْرِهَا؟ فَإِنْ قُلْتُمْ نَعَمْ فَقَدْ كَفَرْتُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَخَرَجْتُمْ مِنْ الْإِسْلَامِ، فَأَنْتُمْ بَيْنَ ضَلَالَتَيْنِ، وَكُلَّمَا جِئْتُهُمْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَقُولُ: أَفَخَرَجْتُ مِنْهَا: فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، قَالَ: فَرَجَعَ مِنْهُمْ أَلْفَانِ وَبَقِيَ سِتَّةُ آلَافٍ، وَلَهُ طُرُقٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقِيَاسُهُ الْمَذْكُورُ مِنْ أَحْسَنِ الْقِيَاسِ وَأَوْضَحُهُ. وَقَدْ أَنْكَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مُخَالَفَتَهُ لِلْقِيَاسِ فِي مَسْأَلَةِ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ فَقَالَ: أَلَا يَتَّقِي اللَّهَ زَيْدٌ؟ يَجْعَلُ ابْنَ الِابْنِ ابْنًا وَلَا جَعَلَ أَبَ الْأَبِ أَبًا؟ وَهَذَا مَحْضُ الْقِيَاسِ.
وَلَمَّا خَصَّ الصِّدِّيقُ أُمَّ الْأُمِّ بِالْمِيرَاثِ دُونَ أُمِّ الْأَبِ قَالَ لَهُ بَعْضُ الْأَنْصَارِ: لَقَدْ وَرَّثْتَ امْرَأَةً مِنْ مَيِّتٍ لَوْ كَانَتْ هِيَ الْمَيِّتَةُ لَمْ يَرِثْهَا، وَتَرَكْتَ امْرَأَةً لَوْ كَانَتْ هِيَ الْمَيِّتَةُ وَرِثَ جَمِيعَ مَا تَرَكَتْ، فَشَرَّكَ بَيْنَهُمَا. قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرْنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: جَاءَتْ جَدَّتَانِ إلَى أَبِي بَكْرٍ، فَأَعْطَى الْمِيرَاثَ أُمَّ الْأُمِّ دُونَ أُمِّ الْأَبِ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ مِنْ بَنِي حَارِثَةَ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ، قَدْ أَعْطَيْتَ الْمِيرَاثَ الَّتِي لَوْ مَاتَتْ لَمْ يَرِثْهَا، فَجَعَلَ الْمِيرَاثَ بَيْنَهُمَا.

اسم الکتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 164
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست