responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 163
الْيَوْمَ لِبَعْضِهِمْ لَقَضَيْتُ بِهِ لِلْجَدِّ كُلِّهِ، وَلَكِنْ لَعَلِّي لَا أُخَيِّبُ مِنْهُمْ أَحَدًا، وَلَعَلَّهُمْ أَنْ يَكُونُوا كُلُّهُمْ ذَوِي حَقٍّ.
وَضَرَبَ عَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ لِعُمَرَ يَوْمَئِذٍ مَثَلًا مَعْنَاهُ لَوْ أَنَّ سَيْلًا سَالَ فَخَلَجَ مِنْهُ خَلِيجٌ، ثُمَّ خَلَجَ مِنْ ذَلِكَ الْخَلِيجِ شُعْبَتَانِ. وَرَأْيُ الصِّدِّيقِ أَوْلَى مِنْ هَذَا الرَّأْيِ وَأَصَحُّ فِي الْقِيَاسِ، لِعَشْرَةِ أَوْجُهٍ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُ ذِكْرِهَا.
وَالْجَوَابُ عَنْ هَذِهِ الْأَمْثِلَةِ: أَنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كَانُوا يَسْتَعْمِلُونَ الْقِيَاسَ فِي الْأَحْكَامِ، وَيَعْرِفُونَهَا بِالْأَمْثَالِ وَالْأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى مَنْ يَقْدَحُ فِي كُلِّ سَنَدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَسَانِيدِ وَأَثَرٍ مِنْ هَذَا الْآثَارِ، فَهَذِهِ فِي تَعَدُّدِهَا وَاخْتِلَافِ وُجُوهِهَا وَطُرُقِهَا جَارِيَةٌ مَجْرَى التَّوَاتُرِ الْمَعْنَوِيِّ الَّذِي لَا يُشَكُّ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ كُلُّ فَرْدٍ مِنْ الْإِخْبَارِ بِهِ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو، قَالَ: أَخْبَرَنِي حُيَيِّ بْنُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يَقُولُ، وَذَكَرَ قِصَّةَ الَّذِي قَتَلَتْهُ امْرَأَةُ أَبِيهِ وَخَلِيلُهَا، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَتَبَ إلَيَّ أَنْ اُقْتُلْهُمَا فَلَوْ اشْتَرَكَ فِيهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ كُلُّهُمْ لَقَتَلْتُهُمْ، قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: فَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْكَرِيمِ وَأَبُو بَكْرٍ قَالَا جَمِيعًا: إنَّ عُمَرَ كَانَ يَشُكُّ فِيهَا حَتَّى قَالَ لَهُ عَلِيٌّ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ نَفَرًا اشْتَرَكُوا فِي سَرِقَةِ جَزُورٍ، فَأَخَذَ هَذَا عُضْوًا وَهَذَا عُضْوًا، أَكُنْتَ قَاطِعَهُمْ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَذَلِكَ حِينَ اسْتَخْرَجَ لَهُ الرَّأْيُ.
[بَيْنَ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْخَوَارِجِ]
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ بُكَيْر بْنِ الْأَشَجِّ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَرْسَلَنِي عَلِيٌّ إلَى الْحَرُورِيَّةِ لِأُكَلِّمَهُمْ، فَلَمَّا قَالُوا: " لَا حُكْمَ إلَّا لِلَّهِ " قُلْتُ: أَجَلْ، صَدَقْتُمْ، لَا حُكْمَ إلَّا لِلَّهِ، وَإِنَّ اللَّهَ حَكَّمَ فِي رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ، وَحَكَّمَ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ؛ فَالْحُكْمُ فِي رَجُلٍ وَامْرَأَتِهِ وَالصَّيْدِ أَفْضَلُ أَمْ الْحُكْمُ فِي الْأُمَّةِ يَرْجِعُ بِهَا، وَيَحْقِنُ دِمَاءَهَا، وَيَلُمُّ شَعَثُهَا؟
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ ثنا سِمَاكٌ الْحَنَفِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: قَالَ عَلِيٌّ: لَا تُقَاتِلُوهُمْ حَتَّى يَخْرُجُوا، فَإِنَّهُمْ سَيَخْرُجُونَ، قَالَ: قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَبْرِدْ بِالصَّلَاةِ فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَدْخُلَ عَلَيْهِمْ فَأَسْمَعَ مِنْ كَلَامِهِمْ وَأُكَلِّمَهُمْ، فَقَالَ عَلِيٌّ: أَخْشَى عَلَيْكَ مِنْهُمْ، قَالَ: وَكُنْتُ رَجُلًا حَسَنَ الْخُلُقِ لَا أُوذِيَ أَحَدًا، قَالَ: فَلَبِسْتُ أَحْسَنَ مَا يَكُونُ مِنْ الْيَمَنِيَّةِ وَتَرَجَّلْتُ ثُمَّ دَخَلْتُ عَلَيْهِمْ وَهُمْ قَائِلُونَ، فَقَالُوا لِي: مَا هَذَا اللِّبَاسُ؟ فَتَلَوْتُ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنَ: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف: 32]

اسم الکتاب : إعلام الموقعين عن رب العالمين المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 163
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست