responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام أهل الذمة المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 548
كَذَّبَ التَّوْرَاةَ وَأَقَامَ عَلَى يَهُودِيَّتِهِ فَلَيْسَ بِيَهُودِيٍّ وَلَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ، وَإِنْ آمَنَ بِالتَّوْرَاةِ وَاعْتَقَدَ حِلَّ الشُّحُومِ ; لِأَنَّ شَرِيعَةَ الْإِسْلَامِ أَبْطَلَتْ مَا سِوَاهَا مِنَ الشَّرَائِعِ، وَالْوَاجِبُ اتِّبَاعُهَا، فَهَذَا الِاعْتِقَادُ حَقٌّ وَلَكِنْ لَا يُبِيحُ لَهُ الشُّحُومَ الْمُحَرَّمَةَ إِلَّا بِالْتِزَامِ شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ الَّتِي رَفَعَ اللَّهُ بِهَا عَنْهُمُ الْآصَارَ وَالْأَغْلَالَ، فَإِذَا لَمْ يَلْتَزِمْ شَرِيعَةَ الْإِسْلَامِ وَأَقَامَ عَلَى الْيَهُودِيَّةِ لَمْ يَنْفَعْهُ اعْتِقَادُهُ دُونَ انْقِيَادِهِ شَيْئًا، كَمَا لَوِ اعْتَقَدَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَنْقَدْ لِلْإِسْلَامِ وَمُتَابَعَتِهِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُمْ أَلَّا يَأْكُلُوا مَا ذَبَحَهُ يَهُودِيٌّ يَوْمَ سَبْتٍ، فَهَذَا لَا يَمْنَعُ أَنْ يَلْتَزِمُوهُ، فَإِنَّهُمْ إِنِ اعْتَقَدُوا تَحْرِيمَ مَا ذَبَحُوهُ يَوْمَ السَّبْتِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا ذَبَحُوهُ مِنْ دَوَابِّ الظُّفُرِ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدُوا تَحْرِيمَهُ كَانَ مِنْ طَعَامِهِمْ، فَكَانَ حَلَالًا، وَلِأَصْحَابِ هَذَا الْقَوْلِ فِي بَقَاءِ تَحْرِيمِ السَّبْتِ عَلَيْهِمْ قَوْلَانِ.
وَأَمَّا صَيْدُهُمُ الْحِيتَانَ يَوْمَ السَّبْتِ فَخَفِيَ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّ غَايَتَهَا أَنْ تَكُونَ مَيْتَةً، وَمَيْتَةُ السَّمَكِ حَلَالٌ وَلِهَذَا لَا يَحْرُمُ مَا صَادَهُ مِنْهُ الْمَجُوسِيُّ وَالْوَثَنِيُّ فِي أَصَحِّ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ، وَهُمَا رِوَايَتَانِ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي السَّمَكِ وَالْجَرَادِ، فَلَمْ يَتَنَاقَضُوا فِيهِ كَمَا زَعَمْتَ.
وَأَمَّا فَتَاوَى مَنْ ذَكَرْتَ مِنَ الصَّحَابَةِ بِحِلِّ ذَبَائِحِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَنَعَمْ لَعَمْرُ اللَّهِ لَا يُعْرَفُ عَنْهُمْ فِيهَا خِلَافٌ، وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهَا، وَالصَّحَابَةُ إِنَّمَا أَفْتَوْا بِحِلِّ جِنْسِ ذَبَائِحِهِمْ، وَأَنَّهَا تُخَالِفُ ذَبَائِحَ الْمَجُوسِ، وَلَمْ يُرِيدُوا بِذَلِكَ حِلَّ مَا لَا يَعْتَقِدُونَهُ حَلَالًا مِنْ ذَبَائِحِهِمْ وَأَطْعِمَتِهِمْ، فَلَا يُحْفَظُ عَنِ الصَّحَابَةِ التَّصْرِيحُ بِهَذَا وَلَا هَذَا، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

اسم الکتاب : أحكام أهل الذمة المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 548
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست