responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أحكام أهل الذمة المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 547
وَأَمَّا اسْتِدْلَالُكُمْ بِقَوْلِ الْمَسِيحِ: {وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ} [آل عمران: 50] ، وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى عَنْ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157] ، فَهَذَا الْإِحْلَالُ إِنَّمَا هُوَ لِمَنْ آمَنَ بِالْمَسِيحِ وَبِمُحَمَّدٍ نِعْمَةً مِنَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَكَرَامَةً لَهُ لَا لِمَنْ أَصَرَّ عَلَى كُفْرِهِ وَتَكْذِيبِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ لِمَنِ الْتَزَمَ الشَّرِيعَةَ الَّتِي جَاءَتْ بِالْحِلِّ.
وَأَمَّا سُؤَالُ ابْنِ حَزْمٍ: " هَلِ الْحَمْلُ وَالشَّحْمُ الْيَوْمَ حَرَامٌ عَلَيْهِمْ أَمْ حَلَالٌ لَهُمْ؟ فَإِنْ قَالُوا: حَرَامٌ عَلَيْهِمْ، كَفَرُوا وَإِنْ قَالُوا: حَلَالٌ، تَرَكُوا قَوْلَهُمْ "، فَكَلَامٌ مُتَهَوِّرٌ مُقَدَّمٌ عَلَى تَكْفِيرِ مَنْ لَمْ يُكَفِّرْهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَعَلَى التَّكْفِيرِ بِظَنِّهِ الْفَاسِدِ، وَلَا يَسْتَحِقُّ هَذَا الْكَلَامُ جَوَابًا لِخُلُوِّهِ عَنِ الْحُجَّةِ، وَهُمْ يَقْلِبُونَ عَلَيْهِ هَذَا السُّؤَالَ فَيَقُولُونَ لَهُ: نَحْنُ نَسْأَلُكَ هَلْ أَحَلَّ اللَّهُ لَهُمْ هَذِهِ الشُّحُومَ مَعَ إِقَامَتِهِمْ عَلَى كُفْرِهِمْ بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَبَاحَهَا لَهُمْ وَطَيَّبَهَا فِي هَذِهِ الْحَالِ، أَمْ أَبْقَاهُمْ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْآصَارِ وَالْأَغْلَالِ؟ فَإِنْ قُلْتَ: بَلْ أَبَاحَهَا لَهُمْ وَطَيَّبَهَا وَأَحَلَّهَا مَعَ بَقَائِهِمْ عَلَى الْيَهُودِيَّةِ وَتَكْذِيبِ رَسُولِهِ، فَهَذَا كُفْرٌ وَكَذِبٌ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى كِتَابِهِ، وَإِنْ قُلْتَ: أَبْقَاهُمْ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ تَرَكْتَ قَوْلَكَ وَصِرْتَ إِلَى قَوْلِنَا، فَلَا بُدَّ لَكَ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ، وَأَحْسَنُ أَحْوَالِكَ أَنْ تَتَنَاقَضَ، لِتَسْلَمَ بِتَنَاقُضِكَ مِنَ الْكُفْرِ.
وَأَمَّا سُؤَالُكَ عَنْ ذَبِيحَةِ الْمُسْتَخِفِّ بِدِينِهِ الَّذِي يَعْتَقِدُ حِلَّ الشُّحُومِ، فَهَذَا السُّؤَالُ جَوَابُهُ فِيهِ، فَإِنَّهُ مَتَى اعْتَقَدَ حِلَّ الشُّحُومِ خَرَجَ عَنِ الْيَهُودِيَّةِ إِمَّا إِلَى الْإِسْلَامِ، وَإِمَّا إِلَى الزَّنْدَقَةِ، فَإِنَّ تَحْرِيمَ الشُّحُومِ ثَابِتٌ بِنَصِّ التَّوْرَاةِ، فَإِنْ

اسم الکتاب : أحكام أهل الذمة المؤلف : ابن القيم    الجزء : 1  صفحة : 547
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست