responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : منهاج السنة النبوية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 178
لِلْحَوَادِثِ مُسْتَلْزِمٌ لَهَا امْتَنَعَ إِرَادَتُهُ دُونَ إِرَادَةِ لَوَازِمِهِ الَّتِي لَا يَنْفَكُّ عَنْهَا، وَاللَّهُ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ، وَخَالِقُهُ لَا رَبَّ غَيْرُهُ، فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ ذَلِكَ بِإِرَادَتِهِ، وَبَعْضُهُ بِإِرَادَةِ غَيْرِهِ، بَلِ الْجَمِيعُ بِإِرَادَتِهِ.
وَحِينَئِذٍ فَالْإِرَادَةُ الْأَزَلِيَّةُ الْقَدِيمَةُ [1] إِمَّا أَنْ تَكُونَ مُسْتَلْزِمَةً لِمُقَارَنَةِ مُرَادِهَا لَهَا، وَإِمَّا أَنْ لَا تَكُونَ كَذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ وَلَوَازِمُهُ قَدِيمًا أَزَلِيًّا، وَالْحَوَادِثُ لَازِمَةٌ لِكُلِّ مُرَادٍ مَصْنُوعٍ، فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ مُرَادَةً لَهُ، وَأَنْ تَكُونَ قَدِيمَةً أَزَلِيَّةً [2] ، إِذِ التَّقْدِيرُ أَنَّ الْمُرَادَ مُقَارِنٌ لِلْإِرَادَةِ، فَيَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ جَمِيعُ الْحَوَادِثِ الْمُتَعَاقِبَةِ قَدِيمَةً أَزَلِيَّةً، وَهَذَا مُمْتَنِعٌ لِذَاتِهِ.

[اعتراض يشبه قول ابن ملكا والرد عليه]
وَإِنْ قِيلَ: إِنَّهُ أَرَادَ الْقَدِيمَ بِإِرَادَةٍ قَدِيمَةٍ، وَأَرَادَ الْحَوَادِثَ الْمُتَعَاقِبَةَ عَلَيْهِ [3] بِإِرَادَاتٍ مُتَعَاقِبَةٍ، كَمَا قَدْ يَقُولُهُ طَائِفَةٌ مِنَ الْفَلَاسِفَةِ، وَهُوَ يُشْبِهُ قَوْلَ صَاحِبِ الْمُعْتَبَرِ [4] .

[1] أ، ب: الْقَدِيمَةُ الْأَزَلِيَّةُ.
[2] أ، ب: فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ وَإِنْ تَكَرَّرَ قَدِيمًا أَزَلِيًّا (أ: قَدِيمَةً أَزَلِيَّةً) ، وَالصَّوَابُ مَا أَثْبَتْنَاهُ، وَهُوَ الَّذِي فِي (ن) ، (م) . وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ: فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْحَوَادِثُ مُرَادَةً وَأَنْ تَكُونَ فِي نَفْسِ الْوَقْتِ قَدِيمَةً أَزَلِيَّةً.
[3] ن، م: عَلَيْهَا.
[4] وَهُوَ أَبُو الْبَرَكَاتِ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مَلْكَا صَاحِبُ كِتَابِ " الْمُعْتَبَرِ فِي الْحِكْمَةِ " اخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ فَسَمَّاهُ بَعْضُ الْمُؤَرِّخِينَ: هِبَةُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: ابْنُ مَلْكَا، وَقَالَ آخَرُونَ: ابْنُ مَلْكَانِ، كَمَا اخْتَلَفُوا فِي سَنَةِ وَفَاتِهِ فَجَعَلَهَا بَعْضُهُمْ 547، وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّهَا 560 أَوْ 570، وَهُوَ طَبِيبٌ وَفَيْلَسُوفٌ كَانَ يَهُودِيًّا وَأَسْلَمَ، يُعْرَفُ بِأَوْحَدِ الزَّمَانِ وَبِفَيْلَسُوفِ الْعِرَاقَيْنِ. طُبِعَ كِتَابُهُ " الْمُعْتَبَرُ " فِي حَيْدَرَ آبَادَ سَنَةَ 1357. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ وَالْكَلَامَ عَنْ كِتَابِهِ فِي: آخِرِ الْجُزْءِ الثَّالِثِ مِنْ كِتَابِهِ " الْمُعْتَبَرِ " ص [0 - 9] 30 - 252 ; طَبَقَاتِ الْأَطِبَّاءِ لِابْنِ أَبِي أُصَيْبِعَةَ (ط. بَيْرُوتَ) 2/296 - 300 ; أَخْبَارَ الْحُكَمَاءِ لِابْنِ الْقِفْطِيِّ، ص [0 - 9] 43 - 346 ; تَارِيخَ حُكَمَاءِ الْإِسْلَامِ لِظَهِيرِ الدِّينِ الْبَيْهَقِيِّ، ص 152 - 154 ; نُكَتَ الْهِمْيَانِ لِلصَّفَدِيِّ، ص 304 ; وَفِيَّاتِ الْأَعْيَانِ 5/124، 125 ; الْأَعْلَامَ 9/63.
اسم الکتاب : منهاج السنة النبوية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 178
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست