اسم الکتاب : فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه المؤلف : ابن تيمية الجزء : 13 صفحة : 1234
وكذلك قوله: ((لأعطين [2/ب] الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله)) هو من أصح الأحاديث وهو أصح حديث روي في فضائل علي - رضي الله عنه - أخرجاه في الصحيحين [75] ، وقد زاد فيه بعض الكذابين: ((إن الراية أخذها أبو بكر وعمر فهربا)) [76] .
وفي الصحيح أنه لما قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لأعطين الراية رجلا)) قال عمر: ((ما أحببت الإمارة إلا يومئذٍ)) [77] ، واستشرف لها عمر وغيره، ولو جاء منهزماً لما استشرف لها، فهذا الحديث رد على الناصبة الواقعين في علي - رضي الله عنه - تباً لهم؛ فإنه مؤمن تقي يحب الله ورسوله، [ويحبه الله ورسوله] [78] ، ولكن ليس هذا من خصائصه، بل كل مؤمن كامل الإيمان يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، وقد قال تعالى: {فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه} [المائدة 54] وهؤلاء الذين قاتلوا أهل الردة وإمامهم أبو بكر - رضي الله عنه - وفي الصحيح أنه قال - صلى الله عليه وسلم - للأنصار: ((والله إني لأحبكم)) [79] .
وفي الصحيح أن عمرو بن العاص [80] سأله: أي الناس أحبّ إليك؟ قال: ((عائشة)) قال: فمن الرجال؟ قال: ((أبوها)) . وهذا فيه أن أبا بكر أحبّ الرجال إليه، وهذا من خصائصه رضي الله عنه [81] .
وكان أسامة بن زيد [82] يسمى الحبّ ابن الحبّ لحبّ النبي - صلى الله عليه وسلم - له ولأبيه [83] . وأمثال هذه النصوص التي تبين أنه ليس كل شخص عرف أنه يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله يجب أن يكون أفضل الخلق؛ فإن هذا الوصف ثابت لخلائق [3/أ] كثيرين، فليس هذا من خصائص الشخص المعين.
وأما قوله: ((أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى)) [84] فحديث صحيح، وهذا قاله في غزوة تبوك [85] لما استخلفه على المدينة فطعن [75] البخاري: الصحيح، كتاب الجهاد 3/1086 رقم 2812. مسلم: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة 4/1871 رقم 2407، وقد سبق تخريجه ص! خطأ الإشارة المرجعية غير معرفة.. [76] قلت: وقد ذكر هذه الرواية الهيثمي في مجمع الزوائد 9/124 من رواية ابن عباس عند الطبراني، وقال: ((وفيه حكيم بن جبير، وهو متروك ليس بشيء)) . ومن رواية ابن أبي ليلى عند البزار، ثم قال: ((وفيه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وهو سيء الحفظ وبقية رجاله رجال الصحيح..)) بلفظ: ((إن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا أبا بكر فعقد له لواء ثم بعثه فسار بالناس فانهزم حتى إذا بلغ ورجع فدعا عمر فعقد له لواء فسار ثم رجع منهزما بالناس، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله وبحبه الله ورسوله يفتح الله له ليس بفرار فأرسل..)) الحديث. مسند البزار 2/135 رقم 496.
قلت: قال الحافظ: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى: صدوق سيء الحفظ جدا. فالحديث ضعيف كما ترى. [77] مسلم: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة باب فضائل علي 4/1871 رقم 2405 [78] المثبت من الهامش بخط الناسخ. [79] البخاري: الصحيح، كتاب مناقب الأنصار، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنتم أحب الناس إليّ 3/1379 رقم 3574، 3575. بلفظ: ((اللهم أنتم من أحبّ الناس إلي)) قالها ثلاث مرات، يعني الأنصار. وفي حديث آخر: ((والذي نفسي بيده إنكم أحب الناس إلي)) قالها مرتين أو ثلاث مخاطبا لامرأة من الأنصار. هذا وما وقفت على لفظ المصنف في الكتب الستة. والله أعلم. [80] السهمي، الصحابي المشهور، أسلم عام الحديبية، وولي إمرة مصر مرتين، وهو الذي فتحها، توفي بمصر سنة نيف وأربعين.
(التقريب ص423) . [81] البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة، باب فضل أبي بكر بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - 7/22 رقم 3662.
مسلم: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة باب فضائل أبي بكر الصديق 4/1856 رقم 2384. [82] ابن حارثة الكلبي، الأمير، صحابي مشهور، توفي سنة أربع وخمسين بالمدينة. (التقريب ص98) . [83] البخاري: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب زيد بن حارثة 3/1365 رقم 3524 و3526. [84] سبق تخريجه ص 1246، حاشية 40. [85] تبوك: موضع بين وادي القرى والشام، خرج إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - في سنة تسع من الهجرة، وهي آخر غزواته، وتبوك الآن مدينة كبيرة وهي قاعدة شمال غرب المملكة، وتبعد عن المدينة حوالي سبع مائة كيل.
معجم البلدان 2/14، شمال غرب المملكة 1/349.
اسم الکتاب : فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه المؤلف : ابن تيمية الجزء : 13 صفحة : 1234