اسم الکتاب : فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه المؤلف : ابن تيمية الجزء : 13 صفحة : 1233
وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((أنت مني وأنا منك)) [61] فهذه العبارة قد قالها لغيره من المؤمنين، كما قالها -[عليه الصلاة و] [62] السلام - لجليبيب [63] الذي قتل عدة من الكفار: ((هذا مني وأنا منه)) [64] .
وفي الصحيحين: ((إن الأشعريين [65] إذا كانوا في السفر ونقصت نفقة [2/أ] عيالهم بالمدينة جمعوا ما كان معهم في ثوب واحد ثم قسموه بينهم بالسويّة؛ هم مني وأنا منهم)) [66] ، فقد جعل الأشعريين أبا موسى [67] وأبا عامر [68] وغيرهما منه وهو منهم، كما قال لعلي: ((أنت مني وأنا منك)) [69] .
وقال تعالى: {والذين ءامنوا من بعدُ وهاجروا وجهدوا معكم فأولئك منكم} [الأنفال 75] وقال تعالى: {ألم تَرَ إلى الذين تولَّوا قوماً غضب اللهُ عليهم ما هم منكم ولا منهم} [المجادلة 14] وقال تعالى: {ويحلِفون بالله إنَّهم لمنكم وما هم منكم} [التوبة 56] .
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((من غشنا فليس منا، ومن حمل علينا السلاح فليس منا)) [70] ونحو ذلك، وهذا يقتضي أن السليم من هذه الكبائر يكون منا، وهذه العبارة تستعمل في النوع الواحد فيقال: هذا من هذا، إذا كان من نوعه، فكل من كان من المؤمنين الكاملين الإيمان فهو من النبي - صلى الله عليه وسلم - والنبي منه.
وقوله - صلى الله عليه وسلم - في قصة بنت حمزة: ((أنت مني وأنا منك)) [71] . وكقوله لزيد ابن حارثة [72] : ((أنت أخونا ومولانا)) [73] ، ومعلوم أن هذا ليس مختصا بزيد بل كل من كان من مواليه يطلق عليه هذا الكلام لقوله تعالى: {فإن لم تَعلموا ءاباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم} [الأحزاب 5] فكذلك قوله لعلي: ((أنت مني وأنا منك)) [74] وليس ذلك من خصائصه، بل من كان موافقاً للنبي - صلى الله عليه وسلم - في كمال الإيمان كان من النبي - صلى الله عليه وسلم - والنبي منه. [61] البخاري: الصحيح، كتاب الصلح 2/960 رقم 2552، وقد تقدم، تخريجه ص19. [62] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل. [63] قال الحافظ: غير منسوب، (الإصابة 1/253 رقم 1175) . [64] مسلم: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة باب فضائل جلبيب رضي الله عنه 4/1918 رقم 2472 بلفظ: ((قتل سبعة ثم قتلوه، هذا مني وأنا منه، هذا مني وأنا منه..)) الحديث.
وهو مخرج في سنن النسائي الكبرى أيضاً. [65] الأشعريون هم بنو الأشعر نبت بن أُدد بن ريد بن يشحب بن عريب بن زيد ابن كهلان بن سبأ. (جمهرة أنساب العرب ص397) . [66] البخاري:الصحيح، كتاب الشركة باب الشركة في الطعام والعروض 5/153 رقم 2486.
مسلم: الصحيح، كتاب فضائل الصحابة باب فضائل الأشعريين رضي الله عنهم 4/1944 رقم 2500 بلفظ: ((إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية؛ فهم مني وأنا منهم)) . [67] عبد الله بن قيس أبو موسى الأشعري، صحابي مشهور، أمّره عمر ثم عثمان، وهو أحد الحكمين بصفين، توفي سنة خمسين. (التقريب ص318) . [68] أبو عامر الأشعري، صحابي، اسمه عبيد، وهو عم أبي موسى الأشعري، استشهد بحنين. (التقريب ص653) . [69] البخاري: الصحيح، كتاب الصلح 2/960 رقم 2552، وقد تقدم، تخريجه ص19. [70] البخاري: الصحيح، كتاب الفتن باب من حمل علينا السلاح فليس منا، أما قوله: ((من غشنا)) الحديث فلم يخرجه في صحيحه.
مسلم: الصحيح، كتاب الإيمان 1/98 رقم 98، وفيه تقديم الشطر الثاني. [71] سبق تخريجه ص19. [72] زيد بن حارثة الكلبي، شهد بدرا وما بعدها وقتل في غزوة مؤتة وهو أمير. الإصابة 3/25، 26. [73] البخاري: الصحيح، كتاب الصلح باب كيف يكتب: هذا ما صالح عليه فلان بن فلان 2/960 رقم 2552. [74] سبق تخريجه ص 1246، حاشية 39.
اسم الکتاب : فضل أبي بكر الصديق رضي الله عنه المؤلف : ابن تيمية الجزء : 13 صفحة : 1233