responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح العقيدة الأصفهانية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 177
خطاب حقيقي لله تعالى، ولكن كلام الله سبحانه عندهم ما يحدث في نفس النبيّ من أصوات يسمعها في نفسه لا خارجا عن نفسه، والملائكة عبارة عن أشكال نورانية يراها تكون في نفسه لا خارجا عن نفسه كما يرى النائم في منامه صورا يخاطبها وكلاما يسمعه وذلك في نفسه، ولهذا جعل أبو حامد هذا طريقا لهم في إثبات النبوة كما سلك ابن سينا وغيره، ولا ريب أن كل ما يقر به من مقر من الحق فإن أهل الإيمان يقرون به لكن يعلمون أشياء فوق ذلك لا يعلمها أهل الباطل فما علمته المتفلسفة من هذه الأمور لا ينكرها أهل الإيمان لكن ينكرون عليهم اقتصارهم في التصديق عليها.
وقد بسطت الكلام على هذه المسألة في جواب المسألة الخراسانية التي سئلت فيها عن ما يتعلق بالقرآن العظيم وكلام الله سبحانه وتعالى وذكرت مراتب تكليم الله تعالى لخلقه، وأنها درجات وأن المتفلسفة أقروا ببعض الدرجات دون بعض بل لعلهم لم يتجاوزوا أدنى الدرجات وهي درجات الإلهام وما يناسبه وما أعطوا هذه الدرجة حقها، وأما المعتزلة فهم خير منهم فإنهم يقرون بما أخبر به القرآن عن أصناف الملائكة وأوصافهم لكنهم مع هذا لا يقرون بأن لله كلاما قائما به فحقيقة مذهبهم أن الله سبحانه لا يتكلم إنما يخلق كلاما في غيره ولما ابتدعت الجهمية هذه المقالة كانوا يقولون: إن الله تعالى لا يتكلم أو يتكلم مجازا.
لكن المعتزلة امتنعت من هذا الإطلاق وقالوا: إنه متكلم أو يتكلم حقيقة لكنهم فسروا ذلك بأنه خلق كلاما في غيره فلم ينازعوا قدماء الجهمية في حقيقة المذهب وإنما نازعوهم في اللفظ.
والسلف والأئمة لما عرفوا حقيقة مذهبهم عرفوا أن هذا كفر وأن هذا في الحقيقة تعطيل للرسالة وأنه يمتنع أن يكون متكلم بكلام لا يقوم به بل بغيره، كما يمتنع أن يكون عالما بعلم لا يقوم به بل بغيره، وأن يكون قادرا بقدرة لا تقوم به بل بغيره، وأنه لو كان كذلك لكان ما يخلقه من الكلام في مخلوقاته كلاما له.
وقد قال تعالى: وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ [1]، وقال عز وجل: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (65) [2]، بل لما ثبت أن الله خالق كل شيء فيجب أن يكون على قولهم كل كلام في الوجود كلامه وقد أفصح بذلك الاتحادية الذين يقولون:

[1] سورة فصلت، الآية: 21.
[2] سورة يس، الآية: 65.
اسم الکتاب : شرح العقيدة الأصفهانية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 177
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست