responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : شرح العقيدة الأصفهانية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 142
الضيف، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق» [1] فهو لم يخف من تعمد الكذب فإنه يعلم من نفسه صلى الله عليه وسلم إنه لم يكذب لكن خاف في أول الأمر أن يكون قد عرض له عارض سوء، وهو المقام الثاني فذكرت خديجة ما ينفي هذا وهو ما كان مجبولا عليه من مكارم الأخلاق، ومحاسن الشيم والأعمال، وهو الصدق المستلزم للعدل والإحسان إلى الخلق، ومن جمع فيه الصدق والعدل والإحسان لم يكن ممّا يخزيه الله، وصلة الرحم وقرى الضيف وحمل الكل وإعطاء المعدوم والإعانة على نوائب الحق هي من أعظم أنواع البر والإحسان.
وقد علم من سنة الله أن من جبله الله على الأخلاق المحمودة ونزهه عن الأخلاق المذمومة فإنه لا يخزيه، وأيضا فالنبوة في الآدميين هي من عهد آدم عليه السلام فإنه كان نبيّا وكان بنوه يعلمون نبوته وأحواله بالاضطرار.
وقد علم جنس ما يدعوا إليه الرسل وجنس أحوالهم فالمدعي للرسالة في زمن الإمكان إذا أتى بما ظهر به مخالفته للرسل علم أنه ليس منهم.
وإذا أتى بما هو من خصائص الرسل علم أنه منهم لا سيما إذا علم أنه لا بد من رسول منتظر، وعلم أن لذلك الرسول صفات متعددة تميزه عمن سواه، فهذا قد يبلغ بصاحبه إلى العلم الضروري بأن هذا هو الرسول المنتظر ولهذا قال تعالى: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146) [2].
والمسلك الأول: النوعي، هو ممّا استدل به النجاشي على نبوته فإنه لما استخبرهم عما يخبر به واستقرأهم القرآن فقرءوه عليه قال: إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة.
وكذلك قبله ورقة بن نوفل لما أخبره النبيّ صلى الله عليه وسلم بما رآه وكان ورقة قد تنصر وكان يكتب الإنجيل بالعبرانية، فقالت له خديجة: يا ابن عم اسمع من ابن أخيك ما يقول، فأخبره النبيّ صلى الله عليه وسلم بخبره فقال: هذا هو الناموس الذي كان يأتي موسى، وإن قومك سيخرجونك؟ فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: «أو مخرجيّ هم»؟ فقال: نعم، لم يأت أحد بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا، ثم لم ينشب ورقة أن توفي [3].

[1] أخرجه البخاري في صحيحه بالأرقام (3، 3392، 4953، 4955، 4956، 4957، 6982) ومسلم في صحيحه بالأرقام (401 - 403) وأحمد في المسند (6/ 223 و233) من حديث عائشة رضي الله عنها.
[2] سورة البقرة، الآية: 146.
[3] تقدم تخريجه.
اسم الکتاب : شرح العقيدة الأصفهانية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 142
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست