اسم الکتاب : النبوات المؤلف : ابن تيمية الجزء : 1 صفحة : 553
الكذب؛ فالاشتراك بين الصنفين يرفع دلالتها، واختصاص أحدهما بها يوجب دلالتها على المختصّ.
ويقال ثانياً: تجويز إضلال طائفة معينة؛ بمعنى أنه حصل لهم الضلال لعدم نظرهم، واستدلالهم، وقصدهم الحق، وجعل قلوبهم معرضة عن طلب الحق وقصده، وأنّها تكذب الصادق: ليس هو مثل إضلال العالم كلّه، ورفع ما يعرف به الحق من الباطل. بل مثال هذا: مثل من قال: إذا جاز أن [يعمي] [1] طائفة من الناس، جاز أن [يعمي] [2] جميع النّاس، فلا يرى أحدٌ شيئاً. وإذا جاز أن [يُصِمّ] [3] بعض النّاس، جاز أن يصم جميعهم، فلا يسمع أحدٌ شيئاً. وإذا جاز أن يُزمن[4] بعض النّاس، أو يُشلّ يديه، جاز إزمان جميع الناس، وإشلال أيديهم؛ حتى لا يقدر أحدٌ في العالم على شيء، ولا بطش بيده. وإذا جاز أن يُجنّن بعض الناس، جاز أن يُجنّن جميعَهم؛ حتى لا يبقى في الأرض إلا مجنونٌ، لا عاقل. وإذا جاز أن يُميت بعض الناس، جاز أن يُميتهم كلّهم في ساعةٍ واحدة، مع بقاء العالم على ما هو عليه. وأن يقال: إذا جاز أن يُضِلّ بعض الناس عن قبول بعض الحق، جاز أن يضله عن قبول كلّ حق؛ حتى لا يصدق أحداً في شيء، ولا يقبل شيئاً مما يُقال له؛ فلا يأكل، ولا يشرب، ولا يلبس، ولا ينام. وأنّ كلّ من أضلّ جاز أن يفعل به هذا كلّه. [1] في ((م)) ، و ((ط)) : يعمى. [2] في ((م)) ، و ((ط)) : يعمى. [3] في ((ط)) : يضم. [4] قال ابن منظور: (الزَّمِن: ذو الزمانة. والزمانة آفة في الحيوانات. ورجلٌ زَمِن: أي مبتلى بيِّن الزمانة. والزمانة: العاهة..) . لسان العرب 13 199.
اسم الکتاب : النبوات المؤلف : ابن تيمية الجزء : 1 صفحة : 553