اسم الکتاب : النبوات المؤلف : ابن تيمية الجزء : 1 صفحة : 552
صادقين يبلغون رسالته ويأمر الناس باتباعهم ويتوعّد من كذّبهم، فيقوم آخرون كذّابون يدّعون مثل ذلك، وهو يسوي بين هؤلاء وهؤلاء في جميع ما يفرق به بين الصادق والكاذب. بل قد علمنا من سنّته أنه لا يُسوّي في دلائل الصدق والكذب بين المحدث الصادق، والكاذب، والشاهد الصادق، والكاذب، وبين الذي يعامل الناس بالصدق، والكذب، وبين الذي يظهر الإسلام صادقاً، والذي يظهره نفاقاً وكذباً، بل يُميّز هذا من هذا بالدلائل [الكثيرة] [1]؛ كما يُميّز بين العادل وبين الظالم، وبين الأمين وبين الخائن؛ فإنّ هذا مقتضى سنّته التي لا تتبدّل، وحكمته التي هو منزّه عن نقيضها، وعدله سبحانه بتسويته بين المتماثلات، وتفريقه [بين] [2] المختلفات. فكيف يُسوي بين أفضل الناس وأكملهم صدقاً، وبين أكذب الناس وشرّهم كذباً فيما يعود إلى فساد العالم في العقول، والأديان، والأبضاع، والأموال، والدنيا، والآخرة.
الرد على القدرية في قولهم: لو جوزنا عليه الإضلال لجاز أن يظهر المعجزات على يد الكاذب
وقول [القدريّ] [3]: إذا جاز عليه إضلال من أضلّه، جاز عليه إضلال بعض الناس. يقال له:
أولاً: ليس إظهار المعجزة على أيدي الكذابين من باب الإضلال. بل لو ظهرت على يده لكانت لا تدلّ على الصدق، فلم يكن دليلاً يُفرّق به بين الصدق والكذب. وعدم الدليل يوجب عدم العلم بذلك الدليل، لا يوجب اعتقاد نقيضه. ولو كان لا يظهرها إلا على يد كاذب، لكانت إنّما تدل على [1] ما بين المعقوفتين ملحق بهامش ((خ)) . [2] ما بين المعقوفتين ملحق في ((خ)) بين السطرين. [3] في ((م)) ، و ((ط)) : القدر.
اسم الکتاب : النبوات المؤلف : ابن تيمية الجزء : 1 صفحة : 552