اسم الکتاب : النبوات المؤلف : ابن تيمية الجزء : 1 صفحة : 496
وهو[1] لم يأخذ عن أحدٍ من الأنبياء شيئاً؛ فدلّ على نبوّته. ولهذا يحتج الله له في القرآن بذلك؛ كما قد بسط في غير هذا الموضع[2].
الكاهن والفرق بينه وبين النبي
وأخبار الكهان فيها كذبٌ كثيرٌ، والكاهن قد عُرف أنه يكذب كثيراً، مع فجوره؛ قال تعالى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلى كلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يُلْقُوْنَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاْذِبُوْنَ} [3]. والكهانة جنسٌ معروف، ومعروفٌ أنّ الكاهن يتلقّى عن الشيطان، ولا بد من كذبهم، وفجورهم. والنبيّ لا يكذب قطّ، ولا يكون [إلا] [4] برّاً تَقِيَّاً. فالفرق بينهما ثابت في نفس صفاتهما، وأفعالهما، وآياتهما؛ لا يقول عاقل إنّ مجرّد ما يفعله الكاهن هو دليلٌ إن اقترن بصادق، وليس بدليلٍ إذا لم يقترن بصادق، وأنّه متى ادّعاه كاذبٌ لم يظهر على يده. وهذا أيضاً باطلٌ.
كثير من الكذابين أتوا بخوارق وادعوا النبوة ولم يعارضوا
ويظهر بالوجه السادس: وهو أنّه قد ادّعى جماعةٌ من الكذّابينَ النبوّة، وأتوا بخوارق من جنس خوراق الكُهّان والسحرة، ولم يعارضهم أحدٌ في ذلك المكان والزمان، وكانوا [كاذبين] [5]؛ فبطل قولهم إنّ الكذّاب إذا أتى بمثل خوارق السحرة والكهان، فلا بد أن يمنعه الله ذلك الخارق، أو يُقَيِّض له من يعارضه[6]. [1] أي النبيّ. [2] تقدّم كلام شيخ الإسلام رحمه الله عن ذلك في أوّل هذا الكتاب. راجع ص 166-171. [3] سورة الشعراء، الآيات 221-223. [4] ما بين المعقوفتين ساقط من ((خ)) . وهو في ((م)) ، و ((ط)) . [5] في ((ط)) : كذابين. [6] انظر: البيان للباقلاني ص 94-95.
اسم الکتاب : النبوات المؤلف : ابن تيمية الجزء : 1 صفحة : 496