responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المسائل والأجوبة المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 146
لَفْظه بِالْقُرْآنِ، وَلَا إيمَانه وَلَا صَلَاته، وَلَا شَيْء مِنْ ذَلِكَ، ولَكِنْ الْمُتَأَخِّرُونَ انْقَسَمُوا فِي هَذَا الْبَابِ انْقِسَامًا كَثِيرًا، فَاَلَّذِينَ كَانُوا يَقُولُونَ: لَفْظُنَا بِالْقُرْآنِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، مِنْهُمْ مَنْ أَطْلَقَ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْإِيمَانَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: قَدِيمٌ فِي هَذَا وَهَذَا، وَمِنْهُمْ مَنْ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْأَقْوَالِ الْإِيمَانِيَّةِ وَالْأَفْعَالِ، فَيَقُولُونَ: الْأَقْوَالُ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ أو قَدِيمَةٌ وَفعَالُ [1] الْإِيمَانِ مَخْلُوقَةٌ. وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ فِي أَفْعَالِ الْإِيمَانِ: إنَّ الْمُحَرَّمَ مِنْهَا مَخْلُوقٌ، وَأَمَّا الطَّاعَاتُ كَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: هِيَ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُمْسِكْ [2] عَنْ الْأَفْعَالِ الْمُحَرَّمَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: بَلْ أَفْعَالُ الْعِبَادِ كُلُّهَا غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ أَوْ قَدِيمَةٌ، وَيَقُولُ: لَيْسَ مُرَادِي بِالْأَفْعَالِ المركبات [3] ، بَلْ مُرَادِي الثَّوَابُ الَّذِي يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَيَحْتَجُّ هَذَا بِأَنَّ الْقَدَرَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَالشَّرْعَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَيَجْعَلُ أَفْعَالَ الْعِبَادِ هِيَ الْقَدَرُ وَالشَّرْعُ، وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ القدرة [4] وَالْمَقْدُورِ، وَالشَّرْعِ وَالْمُشَرَّعِ [5] ، (فَإِنَّ الشَّرْعَ) الَّذِي هُوَ أَمْرُ اللَّهِ وَنَهْيُهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَأَمَّا الْأَفْعَالُ الْمَأْمُورُ بِهَا وَالْمَنْهِيُّ عَنْهَا فَلَا رَيْبَ أَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ، وَكَذَلِكَ قَدَرُ الله الَّذِي هُوَ عِلْمُهُ وَمَشِيئَتُهُ وَكَلَامُهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَأَمَّا الْمُقَدَّرَاتُ: الْآجَالُ وَالْأَرْزَاقُ وَالْأَعْمَالُ فَكُلُّهَا مَخْلُوقَةٌ.
وَقَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ وَقَائِلِيهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَد وَمَنْ قَبْلَهُ مِنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ وَمَنْ اتَّبَعَهُ كُلُّهُمْ بَرِيئُونَ مِنْ الْأَقْوَالِ الْمُبْتَدَعَةِ الْمُخَالِفَةِ لِلشَّرْعِ وَالْعَقْلِ، فَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ إنَّ الْقُرْآنَ قَدِيمٌ، لَا مَعْنَى قَائِمٌ بِالذَّاتِ، وَلَا أنَّهُ تَكَلَّمَ بِهِ فِي الْقدمِ بِحَرْف وَصَوْتٍ قديمين، وَلَا تَكَلَّمَ بِهِ فِي الْقدمِ بِحَرْف قَدِيمٍ، لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ لَا هَذَا وَلَا هَذَا، وَإِنَّما الَّذِي اتَّفَقُوا عَلَيْهِ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ مُنَزَّلٌ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَأن اَللَّه لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا إذَا شَاءَ، فَكَلَامُ الله لَا نِهَايَةَ لَهُ، وَهُوَ [6] بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا بِمَشِيئَتِهِ لَا بِمَعْنَى أَنَّ الصَّوْتَ الْمُعَيَّنَ قَدِيمٌ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي} الآية كَمَا قد بَسَطْت الْكَلَامَ [فِي غَيْرِ هَذَا

[1] في مجموع الفتاوى: (وأفعال) .
[2] في مجموع الفتاوى عبارة زائدة، لعلها سقطت من هذه النسخة، وهي: (ومنهم من يمسك فلا يقول مخلوقة ولا غير مخلوقة) .
[3] في مجموع الفتاوى: (الحركات) .
[4] في مجموع الفتاوى: (القدر) .
[5] في مجموع الفتاوى: (المشروع) .
[6] في مجموع الفتاوى زيادة: (قديم) .
اسم الکتاب : المسائل والأجوبة المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 146
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست