responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القواعد النورانية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 337
قَدْ رَبَطَ الْفِعْلَ بِإِيمَانِهِ بِاللَّهِ. هَذَا هُوَ حَقِيقَةُ الْحَلِفِ بِاللَّهِ. فَرَبْطُ الْفِعْلِ بِأَحْكَامِ اللَّهِ - مِنَ الْإِيجَابِ أَوِ التَّحْرِيمِ - أَدْنَى حَالًا مِنْ رَبْطِهِ بِاللَّهِ.
يُوَضِّحُ ذَلِكَ: أَنَّهُ إِذَا عَقَدَ الْيَمِينَ بِاللَّهِ فَهُوَ عَقْدُ لَهَا بِإِيمَانِهِ بِاللَّهِ، وَهُوَ مَا فِي قَلْبِهِ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ وَإِكْرَامِهِ، الَّذِي هُوَ [حَقُّ] اللَّهِ وَمَثَلُهُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، كَمَا أَنَّهُ إِذَا سَبَّحَ اللَّهَ وَذَكَرَهُ فَهُوَ مُسَبِّحٌ لَهُ وَذَاكِرٌ لَهُ بِقَدْرِ مَا فِي قَلْبِهِ مِنْ مَعْرِفَتِهِ وَعِبَادَتِهِ. وَلِذَلِكَ جَاءَ التَّسْبِيحُ تَارَةً لِاسْمِ اللَّهِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1] [الْأَعْلَى] ، كَمَا أَنَّ الذِّكْرَ يَكُونُ تَارَةً لِاسْمِ اللَّهِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الإنسان: 25] [الْإِنْسَانِ: 25] ، وَكَذَلِكَ الذِّكْرُ مَعَ التَّسْبِيحِ فِي قَوْلِهِ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا} [الأحزاب: 41] [الْأَحْزَابِ] ، فَحَيْثُ عَظَّمَ الْعَبْدُ رَبَّهُ بِتَسْبِيحِ اسْمِهِ، أَوِ الْحَلِفِ بِهِ، أَوِ الِاسْتِعَاذَةِ بِهِ، فَهُوَ مُسَبِّحٌ لَهُ بِتَوَسُّطِ الْمَثَلِ الْأَعْلَى الَّذِي فِي قَلْبِهِ، مِنْ مَعْرِفَتِهِ وَعِبَادَتِهِ وَعَظَمَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ، عِلْمًا وَقَصْدًا وَإِجْلَالًا وَإِكْرَامًا. وَحُكْمُ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ إِنَّمَا يَعُودُ إِلَى مَا كَسَبَهُ قَلْبُهُ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة: 225] [الْبَقَرَةِ: 22] ، وَكَمَا قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} [المائدة: 89] [الْمَائِدَةِ: 89] .
فَلَوِ اعْتَبَرَ الشَّارِعُ مَا فِي لَفْظِ الْقَسَمِ مِنِ انْعِقَادِهِ بِالْإِيمَانِ وَارْتِبَاطِهِ بِهِ دُونَ قَصْدِ الْحَلِفِ لَكَانَ مُوجَبُهُ أَنَّهُ إِذَا حَنِثَ يَتَغَيَّرُ إِيمَانُهُ بِزَوَالِ حَقِيقَتِهِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ» "، كَمَا أَنَّهُ إِذَا حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ يَمِينًا فَاجِرَةً كَانَتْ مِنَ الْكَبَائِرِ، [إِذْ قَدِ

اسم الکتاب : القواعد النورانية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 337
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست