responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القواعد النورانية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 336
بِالْحَلِفِ، فَإِنَّمَا حَلَفَ بِهِ لِيَعْقِدَ بِهِ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَيَرْبِطَهُ؛ لِأَنَّهُ لِعَظَمَتِهِ فِي قَلْبِهِ إِذَا رَبَطَ بِهِ شَيْئًا لَمْ يَحُلَّهُ. فَإِذَا حَلَّ مَا رَبَطَهُ بِهِ فَقَدِ [انْتَقَصَتْ] عَظَمَتُهُ فِي قَلْبِهِ، وَقُطِعَ السَّبَبُ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ: الْيَمِينُ: الْعَقْدُ عَلَى نَفْسِهِ لِحَقِّ مَنْ لَهُ حَقٌّ. وَلِهَذَا إِذَا كَانَتِ الْيَمِينَ غَمُوسًا كَانَتْ مِنَ الْكَبَائِرِ الْمُوجِبَةِ لِلنَّارِ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 77] [آلِ عِمْرَانَ] ، وَذَكَرَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عَدِّ الْكَبَائِرِ فِيمَا رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الْمُسْنَدِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «خَمْسٌ لَيْسَ لَهُنَّ كَفَّارَةٌ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَبَهْتُ مُؤْمِنٍ، وَالْفِرَارُ يَوْمَ الزَّحْفِ، وَيَمِينٌ صَابِرَةٌ يَقْطَعُ بِهَا مَالًا بِغَيْرِ حَقٍّ» ".
وَذَلِكَ: لِأَنَّهُ إِذَا تَعَمَّدَ أَنْ يَعْقِدَ بِاللَّهِ مَا لَيْسَ مُنْعَقِدًا بِهِ، فَقَدْ نَقَصَ الصِّلَةَ الَّتِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ، بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَخْبَرَ عَنِ اللَّهِ بِمَا هُوَ مُنَزَّهٌ عَنْهُ، أَوْ تَبَرَّأَ مِنَ اللَّهِ، بِخِلَافِ مَا إِذَا حَلَفَ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ فَإِنَّهُ عَقَدَ بِاللَّهِ فِعْلًا قَاصِدًا لِعَقْدِهِ عَلَى وَجْهِ التَّعْظِيمِ لِلَّهِ، لَكِنْ أَبَاحَ اللَّهُ لَهُ حَلَّ هَذَا الْعَقْدِ الَّذِي عَقَدَهُ بِهِ، كَمَا يُبِيحُ لَهُ تَرْكَ بَعْضِ الْوَاجِبَاتِ لِحَاجَةٍ، أَوْ يُزِيلُ عَنْهُ وُجُوبَهَا. وَلِهَذَا قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِذَا قَالَ: هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ كَذَا، فَهِيَ يَمِينٌ، بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ: وَاللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ، لِأَنَّهُ رَبَطَ عَدَمَ الْفِعْلِ بِكُفْرِهِ الَّذِي هُوَ بَرَاءَتُهُ مِنَ اللَّهِ، فَيَكُونُ

اسم الکتاب : القواعد النورانية المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 336
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست