responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 463
بِفَرْضٍ. وَكَذَلِكَ رَخَّصَ لِلضَّعَفَةِ أَنْ يُفِيضُوا مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ جَمْعٌ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدْ ذَكَرَهَا أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ كَالطَّحَاوِيِّ وَغَيْرِهِ.
فَإِذَا كَانَ مِنْ قَوْلِهِمْ إنَّ الطَّهَارَةَ لَيْسَتْ فَرْضًا فِي الطَّوَافِ وَشَرْطًا فِيهِ، بَلْ هِيَ وَاجِبٌ تُجْبَرُ بِدَمٍ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ فِي كُلِّ حَالٍ، فَإِذَا وَجَبَ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ فِي كُلِّ حَالٍ إنَّمَا هُوَ فَرْضٌ عِنْدَهُمْ، لَا بُدَّ مِنْ فِعْلِهِ لَا يُجْبَرُ بِدَمٍ، وَحِينَئِذٍ فَإِذَا كَانَتْ الطَّهَارَةُ وَاجِبَةً فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ سَقَطَتْ مَعَ الْعَجْزِ، كَمَا سَقَطَ سَائِرُ الْوَاجِبَاتِ مَعَ الْعَجْزِ: كَطَوَافِ الْوَدَاعِ، وَكَمَا يُبَاحُ لِلْمُحْرِمِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ النَّاسُ مِنْ حَاجَةٍ عَامَّةٍ: كَالسَّرَاوِيلِ، وَالْخُفَّيْنِ، فَلَا فِدْيَةَ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ: كَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَسَائِرِ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ، بِخِلَافِ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، فَإِنَّهُ لَا يُبَاحُ إلَّا مَعَ الْقُدْرَةِ، وَأَبُو حَنِيفَةَ يُوجِبُ الْفِدْيَةَ فِي الْجَمِيعِ.
وَحِينَئِذٍ فَهَذِهِ الْمُحْتَاجَةُ إلَى الطَّوَافِ أَكْثَرُ مَا يُقَالُ: إنَّهُ يَلْزَمُهَا دَمٌ، كَمَا هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، فَإِنَّ الدَّمَ يَلْزَمُهَا بِدُونِ الْعُذْرِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَجْعَلُ الطَّهَارَةَ وَاجِبَةً، وَأَمَّا مَعَ الْعَجْزِ فَإِذَا قِيلَ بِوُجُوبِ ذَلِكَ، فَهَذَا غَايَةُ مَا يُقَالُ فِيهَا، وَإِلَّا قِيسَ أَنَّهُ لَا دَمَ عَلَيْهَا عِنْدَ الضَّرُورَةِ. وَأَمَّا أَنْ يَجْعَلَ هَذَا وَاجِبًا يَجْبُرُهُ دَمٌ، وَيُقَالُ: إنَّهُ لَا يَسْقُطُ لِلضَّرُورَةِ، فَهَذَا خِلَافُ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ.
وَقَدْ تَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ الْمُضْطَرَّةَ إلَى الطَّوَافِ مَعَ الْحَيْضِ لَمَّا كَانَ فِي عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يُفْتِيهَا بِالْإِجْزَاءِ مَعَ الدَّمِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُضْطَرَّةً، لَمْ تَكُنْ الْأُمَّةُ مُجْمِعَةً عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهَا إلَّا الطَّوَافُ مَعَ الطُّهْرِ مُطْلَقًا، وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ مَعَ الْمُنَازِعِ الْقَائِلِ بِذَلِكَ لَا نَصَّ، وَلَا إجْمَاعَ، وَلَا قِيَاسَ.
وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ يَلْزَمُ لِجَوَازِ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَاجَةِ، وَأَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي طَهَارَةِ الْحَدَثِ هَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهَا، وَأَنَّ قَوْلَ النُّفَاةِ لِلْوُجُوبِ أَظْهَرُ، فَلَمْ تُجْمِعْ الْأُمَّةُ عَلَى وُجُوبِ الطَّهَارَةِ مُطْلَقًا، وَلَا عَلَى أَنَّ شَيْئًا مِنْ الطَّهَارَةِ شَرْطٌ فِي الطَّوَافِ، وَأَمَّا الَّذِي لَا أَعْلَمُ فِيهِ نِزَاعًا: أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَطُوفَ مَعَ الْحَيْضِ، إذَا كَانَتْ قَادِرَةً عَلَى

اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 463
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست