responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 462
وَتَنَازُعَ الْعُلَمَاءِ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ مَا جَاءَ عَنْ الرَّسُولِ وَتَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ. بِحَيْثُ يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ، وَبَيْنَ مَا قَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ، أَوْ يَتَعَذَّرُ إقَامَةُ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ.
وَمَنْ كَانَ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا، لَمْ يَحْسُنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي الْعِلْمِ بِكَلَامِ الْعُلَمَاءِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الْمُقَلِّدَةِ النَّاقِلِينَ لِأَقْوَالِ غَيْرِهِمْ، مِثْلُ الْمُحَدِّثِ عَنْ غَيْرِهِ، وَالشَّاهِدُ عَلَى غَيْرِهِ لَا يَكُونُ حَاكِمًا، وَالنَّاقِلُ الْمَحْمُودُ يَكُونُ حَاكِيًا لَا مُفْتِيًا.
وَلَا يَحْتَمِلُ حَالُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ إلَّا تِلْكَ الْأُمُورَ الثَّلَاثَةَ، أَوْ هَذَا الْقَوْلَ، أَوْ أَنْ يُقَالَ طَوَافُ الْإِفَاضَةِ قَبْلَ الْوُقُوفِ يُجْزِئُ إذَا تَعَذَّرَ الطَّوَافُ بَعْدَهُ، كَمَا يُذْكَرُ ذَلِكَ قَوْلًا فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ، فِيمَنْ نَسِيَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ حَتَّى عَادَ إلَى بَلَدِهِ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ طَوَافُ الْقُدُومِ، هَذَا مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا فِيهِ فَرَجٌ، فَإِنَّهَا قَدْ يَمْتَدُّ بِهَا الْحَيْضُ مِنْ حِينِ تَدْخُلُ مَكَّةَ إلَى أَنْ يَخْرُجَ الْحَاجُّ، وَفِيهِ أَيْضًا تَقْدِيمٌ لِلطَّوَافِ قَبْلَ وَقْتِهِ الثَّابِتِ بِالْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ، وَالْإِجْمَاعِ.
وَالْمَنَاسِكُ قَبْلَ وَقْتِهَا لَا تُجْزِئُ، وَإِذَا دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ أَنْ نَطُوفَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ مَعَ الْحَدَثِ، وَبَيْنَ أَنْ لَا تَطُوفَهُ، كَانَ أَنْ تَطُوفَهُ مَعَ الْحَدَثِ أَوْلَى، فَإِنَّ فِي اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ نِزَاعًا مَعْرُوفًا، وَكَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ كَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَحْمَدَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ يَقُولُونَ: إنَّهَا فِي حَالِ الْقُدْرَةِ عَلَى الطَّهَارَةِ، إذَا طَافَتْ مَعَ الْحَيْضِ أَجْزَأَهَا، وَعَلَيْهَا دَمٌ، مَعَ قَوْلِهِمْ: إنَّهَا تَأْثَمُ بِذَلِكَ، وَلَوْ طَافَتْ قَبْلَ التَّعْرِيفِ لَمْ يُجْزِئْهَا، وَهَذَا الْقَوْلُ مَشْهُورٌ مَعْرُوفٌ، تَبَيَّنَ لَك أَنَّ الطَّوَافَ مَعَ الْحَيْضِ أَوْلَى مِنْ الطَّوَافِ قَبْلَ الْوَقْتِ، وَأَصْحَابُ هَذَا الْقَوْلِ يَقُولُونَ: إنَّ الطَّهَارَةَ وَاجِبَةٌ فِيهَا، لَا شَرْطٌ فِيهَا، وَالْوَاجِبَاتُ كُلُّهَا تَسْقُطُ بِالْعَجْزِ، وَلِهَذَا كَانَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَغَيْرِهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ: إنَّ كُلَّ مَا يَجِبُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ، فَلَيْسَ بِفَرْضٍ، وَإِنَّمَا الْفَرْضُ مَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ. وَلِهَذَا قَالُوا: إنَّ طَوَافَ الْوَدَاعِ لَمَّا أَسْقَطَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْحَائِضِ، دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِرُكْنٍ، بَلْ يَجْبُرُهُ دَمٌ، وَكَذَلِكَ الْمَبِيتُ بِمِنًى لَمَّا أَسْقَطَهُ عَنْ أَهْلِ السِّقَايَةِ، دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِفَرْضٍ، بَلْ هُوَ وَاجِبٌ يَجْبُرُهُ دَمٌ. وَكَذَلِكَ الرَّمْيُ لَمَّا جَوَّزَ فِيهِ لِلرُّعَاةِ وَأَهْلِ السِّقَايَةِ التَّأْخِيرَ مِنْ وَقْتٍ إلَى وَقْتٍ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ فِعْلَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَيْسَ

اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 462
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست