responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 446
وَرَوَى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ: " إذَا أَصَابَ أَحَدُكُمْ الْمَرْأَةَ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَنَامَ، فَلَا يَنَامُ حَتَّى يَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي لَعَلَّ نَفْسَهُ تُصَابُ فِي نَوْمِهِ ". وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: " فَإِنَّهُ إذَا مَاتَ لَمْ تَشْهَدْ لَهُ الْمَلَائِكَةُ جِنَازَتَهُ ". وَقَدْ أَمَرَ الْجُنُبَ بِالْوُضُوءِ عِنْدَ الْأَكْلِ، وَالشُّرْبِ، وَالْمُعَاوَدَةِ، وَهَذَا دَلِيلُ أَنَّهُ إذَا تَوَضَّأَ ذَهَبَتْ الْجَنَابَةُ عَنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، فَلَا تَبْقَى جَنَابَتُهُ تَامَّةً، وَإِنْ كَانَ قَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْحَدَثِ، كَمَا أَنَّ الْحَدَثَ الْأَصْغَرَ عَلَيْهِ حَدَثٌ دُونَ الْجَنَابَةِ، وَإِنْ كَانَ حَدَثُهُ فَوْقَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَهُوَ دُونَ الْجُنُبِ، فَلَا يَمْنَعُ الْمَلَائِكَةَ عَنْ شُهُودِهِ، فَلِهَذَا يَنَامُ وَيَلْبَثُ فِي الْمَسْجِدِ.
وَأَمَّا الْحَائِضُ فَحَدَثُهَا دَائِمٌ، لَا يُمْكِنُهَا طَهَارَةٌ تَمْنَعُهَا عَنْ الدَّوَامِ، فَهِيَ مَعْذُورَةٌ فِي مُكْثِهَا، وَنَوْمِهَا، وَأَكْلِهَا، وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَلَا تُمْنَعُ مِمَّا يُمْنَعُ مِنْهُ الْجُنُبُ مَعَ حَاجَتِهَا إلَيْهِ. وَلِهَذَا كَانَ أَظْهَرُ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ أَنَّهَا لَا تُمْنَعُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ. إذَا احْتَاجَتْ إلَيْهِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَيُذْكَرُ رِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ، فَإِنَّهَا مُحْتَاجَةٌ إلَيْهَا، وَلَا يُمْكِنُهَا الطَّهَارَةُ، كَمَا يُمْكِنُ الْجُنُبَ، وَإِنْ كَانَ حَدَثُهَا أَغْلَظَ مِنْ حَدَثِ الْجُنُبِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا لَا تَصُومُ مَا لَمْ يَنْقَطِعْ الدَّمُ، وَالْجُنُبُ يَصُومُ، وَمِنْ جِهَةِ أَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ مِنْ الصَّلَاةِ طَهُرَتْ أَوْ لَمْ تَطْهُرْ، وَيُمْنَعُ الرَّجُلُ مِنْ وَطْئِهَا أَيْضًا، فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِلْحَظْرِ فِي حَقِّهَا أَقْوَى، لَكِنْ إذَا احْتَاجَتْ إلَى الْفِعْلِ اسْتَبَاحَتْ الْمَحْظُورَ مَعَ قِيَامِ سَبَبِ الْحَظْرِ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ، كَمَا يُبَاحُ سَائِرُ الْمُحَرَّمَاتِ مَعَ الضَّرُورَةِ مِنْ الدَّمِ، وَالْمَيْتَةِ، وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ، وَإِنْ كَانَ مَا هُوَ دُونَهَا فِي التَّحْرِيمِ لَا يُبَاحُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، كَلُبْسِ الْحَرِيرِ، وَالشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ، مَعَ كَشْفِ الْعَوْرَةِ، وَمَعَ النَّجَاسَةِ فِي الْبَدَنِ، وَالثَّوْبِ، هِيَ مُحَرَّمَةٌ أَغْلَظُ مِنْ غَيْرِهَا وَتُبَاحُ، بَلْ تَجِبُ مَعَ الْحَاجَةِ، وَغَيْرِهَا وَإِنْ كَانَ دُونَهَا فِي التَّحْرِيمِ: كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مَعَ الْحَاجَةِ لَا يُبَاحُ.
وَإِذَا قَدَرَ جُنُبٌ اسْتَمَرَّتْ بِهِ الْجَنَابَةُ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى غُسْلٍ، أَوْ تَيَمُّمٍ فَهَذَا

اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 446
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست