responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 334
وَعَمَّا يُشْبِهُهُ فِي تَخْمِيرِ الرَّأْسِ، فَذَكَرَ مَا يُخَمِّرُ الرَّأْسَ وَمَا يُلْبَسُ عَلَى الْبَدَنِ: كَالْقَمِيصِ وَالْجُبَّةِ، وَمَا يُلْبَسُ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا، وَهُوَ الْبُرْنُسُ. وَذَكَرَ مَا يُلْبَسُ فِي النِّصْفِ الْأَسْفَلِ مِنْ الْبَدَنِ، وَهُوَ السَّرَاوِيلُ وَالثِّيَابُ، وَالتُّبَّانُ فِي مَعْنَاهُ. وَكَذَلِكَ مَا يُلْبَسُ فِي الرِّجْلَيْنِ، وَهُوَ: الْخُفُّ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْجُرْمُوقَ، وَالْجَوْرَبَ فِي مَعْنَاهُ، فَهَذَا يُنْهَى عَنْهُ الْمُحْرِمُ، فَكَذَلِكَ يَجُوزُ عَلَيْهِ الْمَسْحُ لِلْحَلَالِ وَالْمُحْرِمِ الَّذِي جَازَ لَهُ لُبْسُهُ، فَإِنَّ الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ الْمُحْرِمُ أُمِرَ بِالْمَسْحِ عَلَيْهِ.

وَهَذَا كَمَا أَنَّهُ لَمَّا أَمَرَ بِالِاسْتِجْمَارِ بِالْأَحْجَارِ، لَمْ يَخْتَصَّ الْحَجَرُ إلَّا لِأَنَّهُ كَانَ الْمَوْجُودَ غَالِبًا، لَا لِأَنَّ الِاسْتِجْمَارَ بِغَيْرِهِ لَا يَجُوزُ، بَلْ الصَّوَابُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ فِي جَوَازِ الِاسْتِجْمَارِ بِغَيْرِهِ، كَمَا هُوَ أَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ؛ لِنَهْيِهِ عَنْ الِاسْتِجْمَارِ بِالرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ، وَقَالَ: «إنَّهُمَا طَعَامُ إخْوَانِكُمْ مِنْ الْجِنِّ» . فَلَمَّا نَهَى عَنْ هَذَيْنِ تَعْلِيلًا بِهَذِهِ الْعِلَّةِ، عُلِمَ أَنَّ الْحُكْمَ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِالْحَجَرِ، وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ أَمْرُهُ بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ، هُوَ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ لِكَوْنِهِ كَانَ قُوتًا لِلنَّاسِ، فَأَهْلُ كُلِّ بَلَدٍ يُخْرِجُونَ مِنْ قُوتِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْأَصْنَافِ الْخَمْسَةِ، كَاَلَّذِينَ يَقْتَاتُونَ الرُّزَّ، أَوْ الذُّرَةَ يُخْرِجُونَ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ. وَلَيْسَ نَهْيُهُ عَنْ الِاسْتِجْمَارِ بِالرَّوْثِ وَالرِّمَّةِ إذْنًا فِي الِاسْتِجْمَارِ بِكُلِّ شَيْءٍ، بَلْ الِاسْتِجْمَارُ بِطَعَامِ الْآدَمِيِّينَ، وَعَلَفِ دَوَابِّهِمْ، أَوْلَى بِالنَّهْيِ عَنْهُ مِنْ طَعَامِ الْجِنِّ، وَعَلَفِ دَوَابِّهِمْ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ مِنْ عَادَةِ النَّاسِ أَنَّهُمْ لَا يَتَوَقَّوْنَ الِاسْتِجْمَارَ بِمَا نَهَى عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ، بِخِلَافِ طَعَامِ الْإِنْسِ وَعَلَفِ دَوَابِّهِمْ، فَإِنَّهُ لَا يُوجَدُ مَنْ يَفْعَلُهُ فِي الْعَادَةِ الْغَالِبَةِ. وَكَذَلِكَ هَذِهِ الْأَصْنَافُ الْخَمْسَةُ نَهَى عَنْهَا، وَقَدْ سُئِلَ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ

اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 334
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست