responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 279
وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، فَإِنَّ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ: عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُبَيِّنُ «أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ رَأْسَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً» ، وَلِهَذَا قَالَ أَبُو دَاوُد السِّجِسْتَانِيُّ: أَحَادِيثُ عُثْمَانَ الصِّحَاحُ تَدُلُّ عَلَى «أَنَّهُ مَسَحَ مَرَّةً وَاحِدَةً» ، وَبِهَذَا يَبْطُلُ مَا رَوَاهُ مِنْ مَسْحِهِ ثَلَاثًا، فَإِنَّهُ يُبَيِّنُ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ مَسَحَ رَأْسَهُ مَرَّةً، وَهَذَا الْمُفَصَّلُ يَقْضِي عَلَى الْمُجْمَلِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، كَمَا أَنَّهُ لَمَّا قَالَ: «إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ» . كَانَ هَذَا مُجْمَلًا، وَفَسَّرَهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ يَقُولُ عِنْدَ الْحَيْعَلَةِ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ» فَإِنَّ الْخَاصَّ الْمُفَسِّرَ، يَقْضِي عَلَى الْعَامِّ الْمُجْمَلِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ هَذَا مَسْحٌ، وَالْمَسْحُ لَا يُسَنُّ فِيهِ التَّكْرَارُ: كَمَسْحِ الْخُفِّ، وَالْمَسْحِ فِي التَّيَمُّمِ، وَمَسْحِ الْجَبِيرَةِ، وَإِلْحَاقُ الْمَسْحِ بِالْمَسْحِ أَوْلَى مِنْ إلْحَاقِهِ بِالْغُسْلِ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ إذَا كُرِّرَ كَانَ كَالْغُسْلِ.
وَمَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ مِنْ أَنَّهُ يَمْسَحُ بَعْضَ رَأْسِهِ، بَلْ بَعْضَ شَعْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ خَطَأٌ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا مِنْ وَجْهَيْنِ: مِنْ جِهَةِ مَسْحِهِ بَعْضَ رَأْسِهِ، فَإِنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، وَمِنْ جِهَةِ تَكْرَارِهِ، فَإِنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَمَنْ يَسْتَحِبُّ التَّكْرَارَ: كَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ فِي قَوْلٍ، لَا يَقُولُونَ امْسَحْ الْبَعْضَ وَكَرِّرْهُ، بَلْ يَقُولُونَ امْسَحْ الْجَمِيعَ وَكَرِّرْ الْمَسْحَ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ أَنَّ مَسْحَ جَمِيعِ الرَّأْسِ مَرَّةً وَاحِدَةً أَوْلَى مِنْ مَسْحِ بَعْضِهِ ثَلَاثًا، بَلْ إذَا قِيلَ إنَّ مَسْحَ الْبَعْضِ يُجْزِئُ وَأَخَذَ رَجُلٌ بِالرُّخْصَةِ، كَيْفَ يُكَرِّرُ الْمَسْحَ؟ ثُمَّ الْمُسْلِمُونَ مُتَنَازِعُونَ فِي جَوَازِ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْبَعْضِ، وَفِي اسْتِحْبَابِ تَكْرَارِ الْمَسْحِ، فَكَيْفَ يُعْدَلُ إلَى فِعْلٍ لَا يُجْزِئُ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ، وَلَا يُسْتَحَبُّ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ، وَيُتْرَكُ فِعْلٌ يُجْزِئُ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ، وَهُوَ الْأَفْضَلُ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 279
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست