responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 278
وَإِنَّمَا مَأْخَذُ مَنْ جَوَّزَ الْبَعْضَ: الْحَدِيثُ، ثُمَّ تَنَازَعُوا فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يُجْزِئُ قَدْرَ النَّاصِيَةِ، كَرِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ، وَقَوْلِ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ، وَمِنْهُمْ يُجْزِئُ الْأَكْثَرُ كَرِوَايَةٍ عَنْ أَحْمَدَ، وَقَوْلِ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ، يُجْزِئُ الرُّبُعُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: قَدْرَ ثَلَاثِ أَصَابِعَ. وَهُمَا قَوْلَانِ لِلْحَنَفِيَّةِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: ثَلَاثَ شَعَرَاتٍ أَوْ بَعْضَهَا، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: شَعْرَةً أَوْ بَعْضَهَا، وَهُمَا قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيَّةِ. وَأَمَّا الَّذِينَ أَوْجَبُوا الِاسْتِيعَابَ: كَمَالِكٍ، وَأَحْمَدَ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِهِمَا، فَحُجَّتُهُمْ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ، وَإِذَا سَلَّمَ لَهُمْ مُنَازَعُوهُمْ وُجُوبَ الِاسْتِيعَابِ فِي مَسْحِ التَّيَمُّمِ، كَانَ فِي مَسْحِ الْوُضُوءِ أَوْلَى وَأَحْرَى لَفْظًا وَمَعْنًى، وَلَا يُقَالُ التَّيَمُّمُ وَجَبَ فِيهِ الِاسْتِيعَابُ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ غَسْلِ الْوَجْهِ، وَاسْتِيعَابُهُ وَاجِبٌ؛ لِأَنَّ الْبَدَلَ إنَّمَا يَقُومُ مَقَامَ الْمُبْدَلِ فِي حُكْمِهِ لَا فِي وَصْفِهِ، وَلِهَذَا الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ بَدَلٌ عَنْ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، وَلَا يَجِبُ فِيهِ الِاسْتِيعَابُ مَعَ وُجُوبِهِ فِي الرِّجْلَيْنِ، وَأَيْضًا السُّنَّةُ الْمُسْتَفِيضَةُ مِنْ عَمَلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَأَمَّا حَدِيثُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، فَعِنْدَ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ مِنْ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ: يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ، لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الثَّابِتَةِ فِي ذَلِكَ. وَإِذَا مَسَحَ عِنْدَهُ بِنَاصِيَتِهِ وَكَمَّلَ الْبَاقِيَ بِعِمَامَتِهِ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ عِنْدَهُ بِلَا رَيْبٍ، وَأَمَّا مَالِكٌ: فَلَا جَوَابَ لَهُ عَنْ الْحَدِيثِ إلَّا أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَعْذُورًا لَا يُمْكِنُهُ كَشْفُ الرَّأْسِ، فَتَيَمَّمَ عَلَى الْعِمَامَةِ لِلْعُذْرِ، وَمَنْ فَعَلَ مَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ مِنْ الْمَسْحِ بِنَاصِيَتِهِ وَعِمَامَتِهِ أَجْزَأَهُ مَعَ الْعُذْرِ بِلَا نِزَاعٍ، وَأَجْزَأَهُ بِدُونِ الْعُذْرِ عِنْدَ الثَّلَاثَةِ.
وَمَسْحُ الرَّأْسِ مَرَّةً مَرَّةً يَكْفِي بِالِاتِّفَاقِ، كَمَا يَكْفِي تَطْهِيرُ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ مَرَّةً، وَتَنَازَعُوا فِي مَسْحِهِ ثَلَاثًا هَلْ يُسْتَحَبُّ؟ فَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ: أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ، كَمَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَحْمَدَ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: يُسْتَحَبُّ، لِمَا فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ «تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا» ، وَهَذَا عَامٌّ.
وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد: «أَنَّهُ مَسَحَ بِرَأْسِهِ ثَلَاثًا» وَلِأَنَّهُ عُضْوٌ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، فَسُنَّ فِيهِ الثَّلَاثُ كَسَائِرِ الْأَعْضَاءِ.

اسم الکتاب : الفتاوى الكبرى المؤلف : ابن تيمية    الجزء : 1  صفحة : 278
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست