اسم الکتاب : الصفدية المؤلف : ابن تيمية الجزء : 1 صفحة : 94
فلا يكون واحد منهما قادرا فثبت أنه يمتنع كون كل منهما قادرا حين الانفراد وإن لم يكن واحد منهما قادرا إلا عند الاجتماع كان كل منهما مؤثرا في جعل الآخر قادرا فلا يكون هذا قادرا إلا بأقدار الآخر له ولا هذا قادرا إلا بأقدار الآخر له فيلزم كون كل منهما مؤثرا في الآخر وهذا هو الدور في الفاعلين والعلل وهو ممتنع بالضرورة واتفاق العقلاء من وجوه كثيرة فإن كون الشيء فاعلا لنفسه ممتنع فكيف يكون فاعلا لفاعله
ولأن الفاعل متقدم بذاته على المفعول فيلزم تقدم هذا بذاته على هذا وهذا بذاته على هذا فيلزم تقدم الشيء على نفسه بدرجتين والدور كما هو ممتنع في المؤثر فهو ممتنع في تمام كونه مؤثرا كما أن التسلسل لما امتنع في المؤثر امتنع في تمام كونه مؤثرا
وهذا بخلاف الدور المعي في الآثار فإنه جائز باتفاق العقلاء وأما التسلسل في الآثار ففيه نزاع مشهور وهذه الأمور كلها مبسوطة في غير هذا الموضع
والمقصود هنا أن الكمال الذي لا نقص فيه الممكن للموجود هو واجب لواجب الوجود لازم له لا يجوز أن يكون ممتنعا عليه مع كونه ممكنا للموجود فلا يجوز أن يكون ممكن الوجود والعدم لأنه حينئذ يفتقر في اتصافه به إلى غيره لأنه إما أن يكون كل منهما معطيا للآخر الكمال وإما أن يكون هذا الثاني هو المعطي فإن كان هذا فذلك الغير المتصف بصفات
اسم الکتاب : الصفدية المؤلف : ابن تيمية الجزء : 1 صفحة : 94