اسم الکتاب : الصفدية المؤلف : ابن تيمية الجزء : 1 صفحة : 93
يمتنع أن يكون للعالم صانعان فإن الصانعين إما أن يكون كل منهما فاعلا لجميع العالم وهذا ممتنع بالضرورة فإنه إذا كان هذا فاعلا للجميع لم يكن الآخر فاعلا لشيء منه فضلا عن أن يكون فاعلا لجميعه فلو كان هذا فاعلا لجميعه وهذا فاعلا لجميعه كان كل منهما فاعلا غير فاعل وإن كانا متشاركين فإن كان كل منهما قادرا حين الانفراد لزم امتياز مفعول كل منهما عن الآخر فذهب كل إله بما خلق ولهذا كل مشاركين فلا بد أن يكون فعل كل منهما مميزا عن الآخر وأيضا فإذا كان كل منهما قادرا لزم أن يقدر أحدهما على فعل العالم حين قدرة الآخرة عليه فيلزم كون كل منهما قادرا على فعله كله حال قدرة الآخر على فعله كله وهذا ممتنع كما تقدم فامتنع أن يكون أحدهما قادرا على فعله حال قدرة الآخر على فعله كما هو المعروف في القادرين على تحريك شيء ولا يقدر أحدهما على تحريكه إلا حال ما لا يكون الآخر محركا له فإذن لا يكون احدهما قادرا إلا عند تمكين الآخر له فلا يكون أحدهما قادرا إلا بأقدار الآخر له فلا يكون قادرا حال الانفراد وأيضا فإذا كان كل منهما قادرا حال الانفراد أمكن أن يفعل ضد مفعول الآخر وأن يريد خلاف مراده مثل أن يريد هذا تحريك جسم والآخر تسكينه فيمتنع وجود المرادين جميعا لامتناع اجتماع الضدين فيلزم تمانعهما
اسم الکتاب : الصفدية المؤلف : ابن تيمية الجزء : 1 صفحة : 93