اسم الکتاب : مجموعة الرسائل والمسائل والفتاوى المؤلف : آل معمر، حمد بن ناصر الجزء : 1 صفحة : 139
عليه وسلم أنه قال: "ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فاستجيب له من يسألني فأعطيه سؤاله من يستغفرني فاغفر له" فذكر أولاً لفظ الدعاء ثم السؤال ثم الاستغفار والمستغفر سائل كما أن السائل داع فعطف السؤال والاستغفار على الدعاء فهو من باب عطف الخاص على العام، وهذا المعنى الثاني أعني الخاص هو الأظهر لوجهين: أحدهما: ما في حديث النعمان بن بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أن الدعاء هو العبادة" ثم قرأ الآية {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} فاستدلاله عليه الصلاة والسلام بالآية دليل على أن المراد منها سلوني.
وخطاب الله عباده المكلفين بصيغة الأمر منصرف إلى الوجوب ما لم يقم دليل يصرفه إلى الاستحباب فيفيد قصر فعله على الله فلا يجعل لغيره لأنه عبادة، ولهذا أمر الله الخلق بسؤاله فقال: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} وفي الترمذي عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم "سلوا الله من فضله فإن الله يحب الملحين في الدعاء" فتبين بهذا أن الدعاء من أفضل العبادات وأجمل الطاعات.
الوجه الثاني: أنه سبحانه قال: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} والسائل راغب راهب وكل راغب راهب فهو عابد سائل وكل سائل لله فهو عابد قال الله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً} لا يتصور أن يخلو داع لله من دعء عبادة أو دعاء مسألة من الرغب والرهب والخوف والطمع له، فدعاء العبادة ودعاء المسألة كلاهما عبادة لله لا يجوز صرفها إلى غيره.
فلا يجوز أن يطلب من مخلوق ميت أو غائب قضاء حاجة أو تفريج كربة ما لا يقدر عليه إلا الله لا يجوز أن يطلب إلا من الله.
فمن دعا ميتاً أو غائباً فقال: يا سيدي فلان أغثني أو انصرني أو ارحمني أو اكشف عني شدتي ونحو ذلك فهو كافر مشرك يستتاب فإن تاب وإلا قتل، وهذا مما لا خلاف فيه بين العلماء. فإن هذا هو شرك المشركين الذين قاتلهم النبي صلى الله عليه وسلم فإنهم لم يكونوا يقولون تخلق وترزق وتدبر أمر من دعاها، بل كانوا يعلمون أن ذلك لله وحده كما حكاه عنه في غير موضع من كتابه. وإنما كنوا يفعلون عندها ما يفعله اخوانهم من المشركين اليوم من دعائها والاستغاثة بها والذبح لها والنذر لها يزعمون أنها وسائط بينهم وبين الله تقربهم إليه وتشفع لهم لديه كما حكاه عنهم في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} وقال تعالى {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} فقاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكون الدعاء كله لله والذبح كله لله والاستغاثة كلها بالله وجميع العبادات كلها بالله.
والله سبحانه قد بين في غير موضع من كتابه أن الدعاء عبادة فقال تعالى: حاكيا
اسم الکتاب : مجموعة الرسائل والمسائل والفتاوى المؤلف : آل معمر، حمد بن ناصر الجزء : 1 صفحة : 139